صباحٌ حزينُ عاشته إثيوبيا الخميس الماضي عندما تناقلت وسائل إعلام محلية نبأ العثور على جثمان سيمجنيو بيكيلي مدير مشروع سد النهضة مقتولًا في سيارته وسط العاصمة أديس أبابا، بحسب التليفزيون الرسمي، فقد كان الراحل أيقونة وشعلة للنشاط المتقد وقضى ما يزيد على 3 عقود من عمره في العمل بمجال السدود والطاقة.
فور إذاعة الخبر عمّ الحزن أرجاء الجمهورية وخرجت تجمعات عفوية من المواطنين الإثيوبيين في ميدان ميسكل سكوير الذي شهد الحادثة المحزنة، كما اندلعت مظاهرات وأعمال عنف في مسقط رأس الراحل بإقليم الأمهرا حيث طالب المحتجون بكشف ملابسات الجريمة الغامضة.
من سيمجنيو بيكيلي؟
وُلد بيكيلي في الـ14 من سبتمبر/أيلول 1965 بحي "ماكسنقيت" الكائن في مدينة قوندر التي تعد الثانية في إقليم أمهرا شمالي غرب إثيوبيا، وبرع مهندسًا مختصًا في مجال الطاقة والسدود، إذ تدرّج في عدة مناصب إلى أن أصبح مديرًا لمشروع سد النهضة الذي ينتظر أن يكون المشروع الأكبر من نوعه لإنتاج الطاقة في القارة السمراء، فتطمح إثيوبيا إلى أن ينتج نحو 6250 ميغاوات من الكهرباء تكفي الاستهلاك المحلي ويصدر ما تبقى إلى دول الجوار مثل السودان وكينيا وجيبوتي.
كما تنقَّل الراحل بين عدد من الوظائف في مجال السدود والطاقة استهلها بعمله مشرفًا لمعهد فني بأديس أبابا في الفترة بين 1986 ـ 1999، ثم مديرًا للشعبة الهندسية بهيئة الكهرباء الإثيوبية من 1999 إلى 2000.
وتولى إدارة الشؤون الهندسية بسد (جلجل جي بي واحد) في إقليم شعوب جنوب إثيوبيا في الفترة بين 2000 ـ 2001، بعدها شغل منصب منسق الطاقة بهيئة الكهرباء الإثيوبية، قبل أن يسند إليه رئيس الوزراء الأسبق مليس زيناوي منصب مدير مشروع سد النهضة عام 2011، وهو المنصب الذي استمر به حتى إعلان مقتله.
ارتبط بيكيلي بعلاقةٍ قوية مع زيناوي، فقد كان الأول من أشد المعجبين بالثاني واستلهم منه الأفكار التي يؤمن بها وأهمها ضرورة مكافحة الفقر والإخلاص الشديد في العمل، إذ يروي المقربون منه أنه لم يكن ينام إلا 4 ساعات فقط في اليوم.
ثاني حادثة اغتيال
في مايو/أيار من العام الحاليّ، قُتل ديب كمار، مالك مصنع دانجوت للأسمنت، الأكبر في إثيوبيا، والمورد الأكبر للأسمنتالخاص بتشييد سد النهضة، مع اثنين من مساعديه، بعدما استُدرجوا خارج العاصمة أديس أبابا كما جاءت العملية بعد محاولة فاشلة لاغتيال رئيس الوزراء آبي أحمد خلال لقاء جمعه مع حشد من أنصاره في يونيو/حزيران الماضي.
وتثير حوادث الاغتيال هذه تساؤلاتٍ عدة وسط المتابعين للشأن الإثيوبي، فمن المعروف أن الأجهزة الأمنية في البلاد دقيقة جدًا ولا تتساهل مع أي ثغرات، فمن يزور إثيوبيا يلاحظ صرامة الإجراءات منذ الدخول عبر مطار العاصمة وتكرار التفتيش الأمني عدة مرات، إذ إنك لن تتمكن من دخول أي "سوبر ماركت كبير" أو مول أو حتى مطعم إثيوبي دون تفتيش أمني شخصي في ظاهرة فريدة من نوعها وغير موجودة في دول الجوار.
انتقادات لرئيس الوزراء آبي أحمد
نشطاء إثيوبيون على مواقع التواصل حمَّلوا رئيس الوزراء آبي أحمد مسؤولية وقوع حادث الاغتيال، واتهموه بضعف الأداء الأمني والسياسي، خاصة أن بيان مفوض شرطة أديس أبابا أفاد بأن التحقيقات الأولية في وفاة سيمجنيو بيكيلي أشارت إلى أنه قُتل بطلقٍ ناريٍ أُصيب به في الرأس من ناحية الأذن في الجزء الأيسر وأفاد أيضًا أن الطريق غير مغطى بالكاميرات ما يؤكد بشكل غير مباشر أن دليل الإثبات الدامغ غير متوفر في مثل هذه الحالة حتى الآن؛ مما يحتم عليهم البحث عن أدلة أخرى مثل شهود العيان ومراجعة سجل الهاتف للمغدور وآخر مقابلاته ولقاءاته.
فيما هاجم نشطاء آخرون آبي أحمد واتهموه بتجاهل حالة الحزن التي تعيشها البلاد والسفر إلى الولايات المتحدة في زيارة غير رسمية في الوقت الذي قامت فيه قيادات عديدة بزيارة منزل بيكيلي لتقديم واجب العزاء لأسرته، ورأى هؤلاء أن رئيس الوزراء الجديد يفتقر إلى الخبرة السياسية والحنكة التي يتميز بها المسؤولون الإثيوبيون.
https://twitter.com/Tigray_Legend/status/1022689742943600640
وعن الراحل يقول الصحفي الإثيوبي أنور إبراهيم إنه استقر بعيدًا عن أسرته وأصدقائه من أجل أن يحقق الحلم الإثيوبي، فرغم الصعاب وحرارة الطقس في منطقة قوبا بإقليم بني شنقول قمز، فإنه كان سعيدًا وهو يحاول أن يكون أحد جنود الوطن في البناء والتعمير والتنمية، فكان يستقبل الكل (مسؤولين ومهنيين وطلاب وإعلاميين)، ويقدم الشرح لكل صغيرة وكبيرة لهذا المشروع ويسير ويترجل داخل هذه البقعة التي سيكون لها تاريخ سيسجل في تاريخ الهضبة القادم.
ويضيف أنور "ما وجدت شخصًا من داخل البلاد أو خارجها وإلا تحدث عن بشاشته وأريحيته وكرمه وابتسامتها وترحيبه بالضيوف دون كلل أو ملل، أحيانًا تجده ينسى نفسه وحياته الخاصة وهو يعمل ليلاً ونهارًا في هذه البقعة من الأرض الطيبة ولم يقم بالتنزه يومًا مع أسرته لأن أسرته الكبيرة كانت جل اهتمامه وهي الأمة الإثيوبية".
من يقف وراء حادثة الاغتيال؟
حتى الآن لم تتهم الجهات الرسمية في إثيوبيا شخصًا أو جماعةً محددة بالوقوف وراء جريمة الاغتيال التي حدثت في منطقة حيوية يفترض أنها مراقبة أمنيًا بشكل جيد، وتساءل كثيرون عن كيفية تعطل كاميرات المراقبة في ميدان ميسكل سكوير المطل على مؤسسات سيادية مثل وزارة الخارجية ومقار حكومية أخرى، كما سأل البعض عن أسباب عدم وجود طاقم حماية لرجل في منصب سيمجنيو بيكيلي الذي يعد ثروة قوية في مجال السدود والطاقة إضافة إلى إلمامه بكل صغيرة وكبيرة عن سد النهضة بالتحديد.
فيما هاجم نشطاء آخرون آبي أحمد واتهموه بتجاهل حالة الحزن التي تعيشها البلاد والسفر إلى الولايات المتحدة في زيارة غير رسمية في الوقت الذي قامت فيه قيادات عديدة بزيارة منزل بيكيلي لتقديم واجب العزاء لأسرته، ورأى هؤلاء أن رئيس الوزراء الجديد يفتقر إلى الخبرة السياسية والحنكة التي يتميز بها المسؤولون الإثيوبيون.
https://twitter.com/Tigray_Legend/status/1022689742943600640
وعن الراحل يقول الصحفي الإثيوبي أنور إبراهيم إنه استقر بعيدًا عن أسرته وأصدقائه من أجل أن يحقق الحلم الإثيوبي، فرغم الصعاب وحرارة الطقس في منطقة قوبا بإقليم بني شنقول قمز، فإنه كان سعيدًا وهو يحاول أن يكون أحد جنود الوطن في البناء والتعمير والتنمية، فكان يستقبل الكل (مسؤولين ومهنيين وطلاب وإعلاميين)، ويقدم الشرح لكل صغيرة وكبيرة لهذا المشروع ويسير ويترجل داخل هذه البقعة التي سيكون لها تاريخ سيسجل في تاريخ الهضبة القادم.
ويضيف أنور "ما وجدت شخصًا من داخل البلاد أو خارجها وإلا تحدث عن بشاشته وأريحيته وكرمه وابتسامتها وترحيبه بالضيوف دون كلل أو ملل، أحيانًا تجده ينسى نفسه وحياته الخاصة وهو يعمل ليلاً ونهارًا في هذه البقعة من الأرض الطيبة ولم يقم بالتنزه يومًا مع أسرته لأن أسرته الكبيرة كانت جل اهتمامه وهي الأمة الإثيوبية".
من يقف وراء حادثة الاغتيال؟
حتى الآن لم تتهم الجهات الرسمية في إثيوبيا شخصًا أو جماعةً محددة بالوقوف وراء جريمة الاغتيال التي حدثت في منطقة حيوية يفترض أنها مراقبة أمنيًا بشكل جيد، وتساءل كثيرون عن كيفية تعطل كاميرات المراقبة في ميدان ميسكل سكوير المطل على مؤسسات سيادية مثل وزارة الخارجية ومقار حكومية أخرى، كما سأل البعض عن أسباب عدم وجود طاقم حماية لرجل في منصب سيمجنيو بيكيلي الذي يعد ثروة قوية في مجال السدود والطاقة إضافة إلى إلمامه بكل صغيرة وكبيرة عن سد النهضة بالتحديد.
كما وجهت عناصر في جبهة أورومو اتهامات لأعضاء في جبهة تحرير تغراي بالوقوف وراء تصفية مدير مشروع سد النهضة، مبينين أن الراحل كان مصممًا على عقد مؤتمر صحفي لتوضيح حجم الفساد في المشروع من بعض المسؤولين النافذين فيما أسموه "الدولة العميقة".
فيما وجّه نشطاء إثيوبيون على مواقع التواصل الاجتماعي اتهامات لمصر بالتخطيط والتنفيذ لجريمة اغتيال بيكيلي معتقدين أن القاهرة المستفيد الأكبر من مقتل الرجل الذي كان يعمل بجدٍ وإخلاص من أجل إنهاء المشروع.
هل أهمل آبي أحمد سد النهضة؟
لا يخفي عدد من الإثيوبيين عدم ارتياحهم للزيارات التي قام بها رئيس الوزراء الحاليّ آبي أحمد إلى كل من الإمارات ومصر، فقد تساءل Enush عن مقابل المال الذي دفعته أبو ظبي وهل أصبحت إثيوبيا حليفة لها في حربها ضد قطر وإيران؟ أم أن الثمن سيكون إبطاء العمل في سد النهضة لإرضاء مصر وتقوية نفوذها في العالم العربي.