الحرب العبثية والموت المجاني للجنود المغفلين
إبراهيم سليمان✍🏼
حتى فجر 15 أبريل كانت قوات الدعم السريع، الابنة الشرعية المُدللة للقوات المسلّحة السودانية، بالميلاد وليست بالتبني، أذ أكدت قياداتها مرارا أنها من رحمها، وقالوا في قائدها الفريق حميدتي، ما لم يقله يعقوب في ابنه يوسف، ولكن يبدو أن التدليل الزائد، والثناء المبالغ، أوعز عليه غيرة وسخط أخوة "يوسف"، فنزغ الشيطان بينهم، وكادوا له كيدا، وزين لهم، أن أقتلوا أخيكم يوسف، يخلوا لكم وجه أبيكم وتكونوا من الفائزين.
الكل يعلم، أن ضباط من الرتب الدنيا، وأصوات مقدرة من ضباط الصف، كانوا ضد الوضعية التي تتميز بها قوات الدعم السريع، في الحوافز والتسليح والتدريب، ناهيك عن السماح لها بالتمدد في كافة ربوع البلاد، وإطلاق يدها في التجنيد والابتعاث والترقيات، بسبب مجهوداتها وانتصاراتها، وأفضليتها القتالية. وقمعت الأصوات المدنية، التي نادت "الجيش للثكنات والجنجويد تنحل" وعندما شبّت هذه القوات عن الطوق، زجّت القيادات العسكرية العليا، بقيادة اللجنة الأمنية للنظام السابق، الجنود وصغار الضباط في أتون الحرب، وأصدرت لهم الأوامر، أن قاتلوا قوات الدعم السريع، أنها متمردة!!
هل يعقل هذا؟
لم يعد سراً، وبات معلوماً بالضرورة لجنود القوات المسلّحة، أن قرار الحرب بيد الحركة الإسلامية، والتي تكبل قرارات الجيش عبر القادة المؤدلجين، الفريق البرهان والفريق شمس الدين الكباشي والفريق ياسر العطاء والفريق إبراهيم جابر، ولهذه القناعة، نشاهد تدني الروح القتالية للقوات البرية، وجنوحها للاستسلام، وتفضيل الأسر على القتال المجاني.
وفي الجانب الآخر، معلومٌ بالضرورة، أن قوات الدعم السريع، تم تجنيدها من قبل قائد النظام البائد للتصدي للحركات المسلّحة، والتي رفعت السلاح في وجه الدولة المركزية في دارفور، وأن هذه الحركات وقعت اتفاق سلام في جوبا في اكتوبر 2020م، وشاركت القوات المسلحة والدعم السريع في انقلاب 25 اكتوبر، إلاّ أن قائد قوات الدعم السريع، اعتبر أن القوات المسلّحة "الأم"، أصبحت قوات انقلابية، وأداة لعودة الحركة الإسلامية للسلطة، ونصّب نفسه حامي الحمي، منوط به ردع الجيش من تمكين الكيزان للسلطة، فالفريق حميدتي يقول لقواته، لقد نجحتهم في ردع الحركات المسلحة، والآن نريد منكم ردع الجيش، والتصدي للحركة الإسلامية!
حتى إن سلمنا، أن كتائب ظل الحركة الإسلامية، هي من باغتت بالهجوم على معسكر الدعم السريع في المدنية الرياضية في فجر 15 أبريل، السؤال البديهي، لماذا جاءت هذه القوات من دارفور وعسكرت هناك، وبذات الأعداد؟ دون إذن من القائد العام للجيش؟ ولماذا لم تكتفِ بصد العوان عليها في ذات الموقع، بدلاً عن إشعالها حرباً شعواء، شاملة، ومتزامنة.
من الواضح، أن كلا الطرفين، كان يخطط لهذه الحرب العبثية، على الأقل على مستوى القيادات العليا، وأستعد لها. وفي هذا رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا التَقَى المسلمانِ بسَيْفَيْهِمَا فالقاتلُ والمقْتُولُ في النَّارِ».
سيما وأن المقاتلين من الطرفين، يهللون ويكّبرون في كل معركة "الله أكبر، الله أكبر" لإسباغ القدسية على مشروعية قتالهما!
الذين يقتلون في هذه الحرب غير المبررة، إنما يقتلون عبثيا، ويموتون مجانا، كما حدث في حرب الجنوب، بعد شحن الشباب بقدسية الحرب، فصلوا الجنوب، وضاعت أرواحهم سدى، وغداً سيتصالح البرهان وحميدتي، وكأن شيئا لم يحدث، والمغفل، ومن يغيب عقله، ويرمي بنفسه في نيران هذه الحرب، ليقتل أخية "بدون غبينة" أو يقتل.