«مجاعة على ضفاف النيل»..محاصيل الخرطوم تموت عطشا فيما الجوع يلتهم المدينة - موقع الحوش نيوز

موقع الحوش نيوز

موقع الحوش نيوز

اخر الأخبار

اعلان

ضع إعلانك هنا

اعلان

إعلانك هنا

Sunday, July 2, 2023

«مجاعة على ضفاف النيل»..محاصيل الخرطوم تموت عطشا فيما الجوع يلتهم المدينة

 

«مجاعة على ضفاف النيل»..محاصيل الخرطوم تموت عطشا فيما الجوع يلتهم المدينة

المزارعون يرون معاناتهم جراء النزاع المسلح

تقرير: إنجي عبد الوهاب

في منتصف المساحة المأهولة في السودان شمال شرقي وسط البلاد حيث تقع الخرطوم العاصمة على ضفاف أحد أطول أنهار العالم بات ملايين السودانيين مهددين بالموت جوعا، فيما محاصيل بلادهم الخصيبة تموت عطشا جراء استمرار النزاع المسلح الذي أصاب قطاع الإنتاج الزراعي بـ«شلل تام».

في ريف بحرى الواقع بالولاية الشمالية من الخرطوم، لدى ذات المنطقة التي استضافت قبل بضع شهور مشروعات استثمار زراعي عربية ودولية، وعقب معاناة امتدت لـ9 أسابيع متواصلة، ظل خلالها الحاج، معز قاسم، يجاهد لإتمام زراعة محصول الموسم الصيفي، بدءا من هرولتِه للحصول على البذور التي شحت وارتفع سعرها لأكثر من 10 أضعاف، مرورا لتأمينه بعضًا من الوقود اللازم لتشغيل رشاشات الري النيلي، ثم وصولًا لاحتراق أعصابه يوم تلو الآخر جراء مراقبته المحصول بينما تٌلقى على مسامعه تجارب قاسية لأقرانه المزارعين الذين فقدوا محاصيلهم حرقا أو سلبا، انتهى مصير 100 فدان رعاها قاسم إلى الموت عطشا فيما سكان الولاية الريفية الخصيبة يتضورون جوعا، جراء استمرار النزاع المسلح في الخرطوم.

يروي قاسم لـ« المصري اليوم» معاناته خلال الأسابيع التسعة الماضية، وكيف تسبب غلاء الوقود وشُحه في موت محصوله ومحاصيل أقرانه من مزارعي الولاية الشمالية عطشا فيما النيل يسري على مسافة قريبة من أراضيهم:" لم أتمكن قاسم من تأمين جالونات الوقود اللازمة لتشغيل رشاشات الري من الترع المؤدية إلى النهر م ويضيف :"كغيري من المزارعين لم نعد نلتفت إلى الخسائر المتلاحقة، إنما نسعى لتأمين الخضر والمحاصيل الضرورية لاستمرار الحياة في الخرطوم"

ويتابع :" فور اندلاع النزاع المسلح ارتفع سعر المدخلات الزراعية من بذور وأسمدة إلى نحو 10 أضعاف لكني كغيري من المزارعين كنا مضطرين لاستكمال الموسم لنصطدم لاحقا بأزمة الوقود والتي أجهزت على ما تبقى من فرص إتمام الزراعة النيلية أو زراعة الآبار .
ويضيف " عقب أسابيع من المعاناة، خسرت 100 فدان ماتوا عطشا في أرضي أمام عيني نظرا لعدم قدرتي على تخزين الوقود، وتشغيل رشاشات الري فيما بعض سكان الولاية يتضورون جوعا"
ويؤكد قاسم، أنه لم يعد أحدا قادرا على الزراعة سوى عمالقة التجار والمزارعين، الذين بإمكانهم تخزين جوالين الوقود بكميات ضخمة في ظل قفز أسعاره أضعافا مضاعفة، فيما صغار المزارعين يتجرعون حسرات يومية"

ثم ينقلنا بنبرة يملئها الأسى لجانب آخر من معاناة الخرطوم، عبر سرد بعض من تجارب أقرانه من المزارعين في الولاية الشمالية:" من نجا من غلاء البذور والوقود لم ينج من تلف الخضر جراء تخزينها لمُدد أطول، إضافة إلى مشكلات النقل، ومن فلت بمحصول معافى لم يفلت من التعرض المحاصيل للسرقة بالإكراه أو الحرق نتاج الانفلات الأمني التي تعانيه المنطقة منذ أكثر من شهرين."

ومن نجا من كل هذه المخاطر، خسر ببيع محصوله بثمن بخس لا يضاهي، نصف ما أنفق على هذه المحصول"

وبضيف: " مزارعو السمسم والمحاصيل المطرية، أيضا تضرروا جراء إنعدام أساسيات الزراعة، وتضاؤل السيولة المادية وهروب كفاءات الإرشاد الزراعي إلى خارج البلاد.

وفي ريف حلفا، وبعيد عن مناطق تمركز النزاع المسلح بنحو ما يزيد بـ900 كم لم ينج المزارعون من الأذى الذي أصاب القطاع الزراعي؛ إذ يروى الحاج محمد كيف ارتفع سعر الوقود اللازم لري الآبار في وادي حلفا من 1500 جنيها سودانيا إلى 40 ألف للجالون الواحد؛ مما يقوض أي فرص للزراعة في المنطقة.

ويضيف:"إغلاق الطرق الرئيسية شكل عبء مضاف على المزارعين إذ يصعب تسويق المحاصيل "

وبعيدا عن العاصمة إلى الأقاليم إلى الأقاليم الواقعة على أطراف الخرطوم، يبدو وضع الزراعة مستقر نسبيا، وفق ما سرده لنا الحاج، فتح الرحمن، وهو مزارع من الريف الشمالي، وصاحب أحد المشاتل بـ أم درمان.

ويقول فتح الرحمن لـ« المصري اليوم» : حتى الآن وضع الزراعة مستقر نسبيا في الأقاليم البعيدة عن العاصمة، لكننا لم نسلم من الخسائر، فلا يمكننا تسويق المحاصيل خارج المنطقة، بسبب إصابة الطرق الرئيسية الواصلة بالعاصمة من جهتي الشرق والجنوب بشلل تام؛ إذ تعطلت طرق و كباري الخرطوم بحري تماما.
ويضيف:" نركز الآن على إنتاج الليمون والفواكه والخضر، لكن مخرجنا الوحيد لتسويق هذه المحاصيل هو مصر"

ويستمر الصراع السوداني للأسبوع التاسع على التوالي، دون ظهور أي بادرة تشير إلى اقتراب موعد لانتهائه بل يسود «خرق الهدن» المشهد السودانى، مع تصاعد المواجهات بين جناحى المكون العسكرى في البلاد ( الجيش بقيادة، رئيس مجلس السيادة، عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بينما الأصوات تتعالى منذرة بخطورة الوضع الإنساني في الخرطوم.

وتتسع تداعيات النزاع في الخرطوم لتلتهم البلاد قاصرة

أكدت المنظمة العربية للتنمية الزراعية في السودان أن النزاع المسلح في البلاد تسبب بتشوهات كبيرة في البنية الإنتاجية لقطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني، لاسيما في مناطق احتدام الصراع في ولاية الخرطوم،وذلك إضافة لإصابة القطاع الإنتاجي في كافة البلاد بالشلل، وسط تحذيرات أممية من أن استمرا النزاع في البلاد ينذر بمجاعة محققة.
وأفاد تقريرصادر عن المنظمة العربية للتنمية الزراعية التي تتخذ من الخرطوم مقرًا لها بأن «انقطاع سلاسل الإمداد، جراء استمرار النزاع المسلح أدى إلى تدمير كلي لمنظومات إنتاج الخضر والفواكه وكذلك الدواجن التي تتركز حول الخرطوم.
واوضح التقرير أن الازمة تطال قطاعات أخرى متعلقة بالزراعة التي تمثّل 40% من الناتج المحلي للبلاد وتوظّف 80% من اليد العاملة.
وحسب وسائل إعلام سودانية محلية فإن المحاصيل الصيفية معطلة تماما؛ إذ فترش مئات العمال المياومين مع أدواتهم الأرض في منطقة في ولاية القضارف، جنوب شرقي السودان، في انتظار مزارعين يستعينون بهم، لكن النزاعات المسلحة غيبت هؤلاء هذا العام على غير العادة مع بدء موسم المحاصيل الصيفية
وفي منتصف مايو، بدأ موسم هطول الأمطار في ولاية القضارف القريبة من الحدود مع إثيوبيا، والتي تنتج حوالى 40% من محصول السودان من الحبوب.
وتنتظر السودان أزمة أمن غذائي حادة؛ إذ كان من المفترض أن يبدأ الموسم الزراعي الصيفي، لكنه تعطل جراء استمرار النزاع المسلح، إذ يعد تحضير الأراضي قبل هطول الأمطار شرطًا أساسيًا لموسم مثمر.
ويأتي ذلك وسط تحذيرات أممية، من أن أكثر 25 مليون سوداني، أي أكثر من نصف عدد سكان باتوا بحاجة للمساعدة الفورية والحماية، وإلا سيصبحون عرضة لخطر المجاعة.
ولفت تقرير حديث صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، «فاو» «السودان، وجنوب السودان والصومال واليمين ونيجيريا ومالي وبوركينا فاسو، ومالاوي، وسوريا ولبنان، وأفغانستان وباكستان وميانمارو وجوانتيمالا، وهندوراس، وسلفادور» بؤرًا لخطر الموت جوعا في الأشهر القليلة المحال لم يتم إسعافها بتدخلات عاجلة وفورية، مؤكدًا أن بعض المناطق بها مرشحة للتدهور المضطرد في مستويات انعدام الأمن الغذائي، ظل الأوضاع العالمية الراهنة.
وأشار التقرير إلى أن السودان باتت ضمن المناطق الساخنة التي ينتظرها تدهور كبير في المستويات المرتفعة بالفعل من انعدام الأمن الغذائي الحاد بها، مما يعرض الأرواح وسبل العيش للخطر، لافتًا إلى أن مواصلة القتال في السودان يعرض الناس لخطر الانزلاق للمجاعة.
ودعا «فاو» إلى إلى تحرك عالمي عاجل وفوري، لاتخاذ إجراءات إنسانية عاجلة لإنقاذ الأرواح وسبل العيش لصد خطر الموت في 18 بؤرة للجوع حول العالم، لافتا إلى أن تلك بؤر المرشحة لتدهور مضطرد في مستوى الجوع المتفاقم بها من الأساس.
وأوضح التقرير أن الأشهر القليلة المقبلة ستدفع بعض سكان هذه المناطق الساخنة لخطر الموت جوعا، كونهم يعانون حالة خطيرة من انعدام الأمن الغذائي، إلى جانب تفاقم العوامل التي من المتوقع أن تزيد من تفاقم أزمتهم.
وشدد المدير العام للفاو، دونيو كو على ضرورة التحرك نحو تدخلات فورية في القطاع الزراعي «لإخراج الناس من حافة الجوع، ومساعدتهم على إعادة بناء حياتهم، وتقديم حلول طويلة الأمد لمعالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي».
كما أكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيدني ماكين، على ضرورة التحرك العاجل لكون الوضع أصبح «أسوأ من أي وقت مضى».



اعلان

إعلانك هنا