أضحية أبي وسفير سويسرا
بقلم: عواطف عبداللطيف
اليوم حينما غابت فرحة الاضحية شرع الله في شوارع الخرطوم الجريحة وبيوتاتها المنهكة والتي ذبح سكانها من الوريد الي الوريد في ظل تواضع الجهود الدولية والاقليمية لايقاف حرب لا نقول عبثية بل هي خبيثة مجنونة اوجعت الصغار قبل الكبار وحرمتهم من حليب الام والماء والاوكسجين للمرقدين في سراير الاستشفاء والتي تحولت هي الاخرى لسكنات للجنجويد والمتفلتين الكثر اللذين كانوا يسكنون بجوف مقرن النيلين واطرافها وكانت للكثيرون الكساء والدواء والام الحنون قبل ان يخونوا عهدها ويقرزوا السلاح في قلبها ويدمروا بنيتها ..
في مثل هذه الايام المباركة كانت الميادين وسط الاحياء تعج بالمصلين رجالا ونساء واطفال بأزياء باهية فاقعة الالوان يتقافزون في أمان الله ففرحة العيد لهم ولجيرانهم ولعابري الطريق وللايتام والمعدمين ...
في ذات مثل هذا اليوم وقبل سنوات وبدار والدي أسكنهم الله الفردوس الاعلي ولم يكن الفجر قد ازاح ظلامه فاذا حوش دارنا يعج بالصغار والصبايا والصبيان .. نهضت مسرعة من فراشي فاذا سيارات وكاميرات تصوير منصوبة امام دارنا المتواضعة وخروف أضحية أبي والذي اخترناه معه بعناية بقرنين بارزين وجسد سليم وبتنافس بيني وصديقاتي من صبايا وصبيان الحي ومن وسط افواج الخراف المعروضة بالشوارع والميادين ..
أبوي من هؤلاء … جهزي عصير الليمون والقهوة والشاي والسلطة دي السفير السويسري أمس في بيت عبدالله مدني زوج اختك شامة سالني يا حاج متى تذبح أضحيتك .. يا خواجة بكرة فجر ..
فاذا السفير وطاقم السفارة حضورا قبل الفجر لتوثيق تلك اللحظات بل شمروا عن أكفهم لمساعدة ابي في السلخ والتقطيع وشوى اللحم .. نعم في تلك الايام كان السفراء واسرهم يدخلون لبيوتنا وياكلون من أكلنا ويصورن أي ما يرمز لتراثنا وعاداتنا وبمحبة حقيقية عاصرناهم عن قرب بحكم عمل زوج شقيقتي بسفارة سويسرا وفرنسا وانجلترا وربما منذ الستينات واذكر انني حضرت معهم احتفال السفارة بخمسمائة عام لقيام دولة سويسرا وان علي شرف ذلك الاحتفال تكريم عبدالله مدني طيب الله ثراه بميدالية ذهبية باعتباره من اوائل العاملين بها بالخرطوم ..
هل يا تري كل مناديب الدول الاجنبية وسفراءها اليوم انقياء محبين لخير الشعوب وتطلعاتهم .. ام هم ايضا مخلوقات اخري .. لهم أجندة خفية خلافا لمن دخلوا لبلاد السودان الشاسعة الغنية في هذه الايام شديدة السواد علي أهلها … رفع الله عن أهلنا وبلادنا البلاء والابتلاء وكل عام وأمة المصطفي بالف بخير .
Awatifderar1@gmail.com
