أديس أبابا –كتب/ أحمد علي عبدالقادر
تحت شعار "تسريع الحلول العالمية للمناخ: تمويل من أجل تنمية إفريقية خضراء وصامدة"، انعقدت القمة الأفريقية الثانية للمناخ في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بمشاركة واسعة من قادة الدول الأفريقية، ممثلي الاتحاد الإفريقي، ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب شركاء دوليين.
في كلمات الافتتاح، شدّد رئيس الوزراء الإثيوبي الدكتور آبي أحمد على أن إفريقيا لا تفاوض على بقائها وإنما تصمم مستقبل الاقتصاد المناخي للعالم. وأكد أن القارة تمتلك موارد استثنائية تشمل أسرع أحزمة شمسية نموًا، وغابات كثيفة وأراضٍ رطبة غنية بالكربون، إضافة إلى معادن استراتيجية للتكنولوجيا الخضراء. واستعرض رئيس الوزراء مبادرات بلاده البيئية، وفي مقدمتها "مبادرة الإرث الأخضر" وزراعة 48 مليار شجرة خلال سبع سنوات، معتبرًا أن هذه الجهود ساهمت في تبريد المناخ، وحماية التربة، واستعادة الموارد المائية، فضلًا عن تعزيز الأمن الغذائي وتوفير الوظائف.
من جانبه، ندّد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي بالآليات الحالية لتمويل المناخ، داعيًا إلى إصلاح عميق يضمن عدالة أكبر. وأكد أن الائتمان الكربوني لا يجب أن يظل تحت سيطرة الدول الملوِّثة، بل ينبغي أن يُدار عبر هيئة دولية مستقلة، مشددًا في الوقت ذاته على ضرورة إعادة توجيه الصندوق الأخضر للمناخ نحو مشاريع ذات قيمة إقليمية وقارية. كما دعا إلى تفعيل صندوق الخسائر والأضرار لتعويض الدول الإفريقية الأكثر هشاشة، مع التذكير بمبدأ "المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة".
في السياق ذاته، شدّدت منظمة "أكشن إيد" الدولية على رفض "الحلول الزائفة" مثل تعويضات الكربون والهندسة الجيولوجية، محذرة من أنها تُفاقم الظلم المناخي بدلًا من معالجته. وطالبت المنظمة القادة الأفارقة بتبني انتقال عادل ومستدام بعيدًا عن الوقود الأحفوري والزراعة الصناعية، مع وضع حقوق النساء، والشباب، والشعوب الأصلية، والمجتمعات المحلية في قلب القرارات.
وقدّمت "أكشن إيد" أربع توصيات أساسية: توفير تمويل مناخي عادل على شكل منح لا قروض، قيادة عملية انتقالية إفريقية لا تُضحّي بالمجتمعات لصالح الشركات، الاستثمار في الزراعة البيئية والحلول المجتمعية، ورفض كل الحلول المضللة التي تُفيد الملوثين أكثر مما تحمي الشعوب.
وتتقاطع هذه الدعوات مع رؤية أوسع لإفريقيا في القمة، التي أكدت على حق القارة في الحصول على تمويل مناخي يمكن التنبؤ به، وتنفيذ التزامات التكيف العادل مع التغير المناخي، في ظل تحديات متفاقمة تشمل الديون، والهشاشة الاقتصادية، وعدم المساواة في النظام المالي الدولي.
لقد جاءت القمة الأفريقية الثانية للمناخ لتؤكد أن إفريقيا ليست مجرد ضحية للتغير المناخي، بل هي فاعل رئيسي يمتلك الرؤية والموارد لتقود التحول العالمي نحو مستقبل أخضر وعادل.
وفي ختام أعمال اليوم الأول، توجه المشاركون بالشكر إلى جمهورية إثيوبيا الفيدرالية على التنظيم المتميز للقمة، وما رافقها من عروض فلكلورية عكست غنى الثقافة الإفريقية، وكرم الضيافة الذي تجسد في تفاصيل الحفاوة والاستقبال، إضافة إلى نكهة القهوة الإثيوبية الأصيلة التي ميّزت جلسات الحوار، لتضفي روحًا إنسانية دافئة على نقاشات مصيرية حول مستقبل المناخ العالمي.
