الأيزيديون/6، الدارفوريون/صفر! - موقع الحوش نيوز

موقع الحوش نيوز

موقع الحوش نيوز

اخر الأخبار

اعلان

ضع إعلانك هنا

اعلان

إعلانك هنا

Monday, August 6, 2018

الأيزيديون/6، الدارفوريون/صفر!

بقلم: إبراهيم عمر جمعة


  تمر هذه الأيام الذكرى الثالثة لمجزرة الأيزيديين في سنجار(سنكال) التي إرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) الإرهابي، حيث هاجم الإرهابيون في فجر الرابع من أغسطس 2014 قضاء سنجارمدججين بالأسلحة الثقيلة والقصف المدفعي في أعقاب الإنسحاب المفاجيء لقوات البشمركة الكردية من كامل قرى القضاء في سيبا، وشيخ خضر، ورامبوسي، وتل القصاب، وكوجو، وتل بناد. وفي العاشرة صباحاً كان (الدواعش) داخل حاضرة القضاء، الشيء الذي إضطر المواطنون العزل اللجوء إلى جبال سنجار؛ آلاف الاطفال والنسوة والعجزة إلتجأوا إلى المنطقة الجبلية المحاصرة بجيش جماعة الدولة الاسلامية (داعش). ومن هنا بدأت المجزرة التوأم لمجزرة العصر الدارفورية، حيث تجاهل النظام المركزي ما يدور في محافظة نينوى من مجازر وإنتهاكات لثلاث سنوات طويلة وصلت فيها أعداد الضحايا لما يقارب الخمسة آلاف قتيل. وفي غضون تلك السنوات من السيطرة الداعشية على قضاء سنجار، شهدت عيون العالم فظائع وجرائم صادمة وغير إنسانية حيث سيطر الإرهابيون علي المنطقة بالكامل وبدأوا يطبقون أحكاماً شرعية تقضي بسبي النساء وإسترقاق الأطفال وقتل البالغين وإغتصاب حرائرهم. إن من أكثر الجرائم التي نقلها الإعلام وصدمت العالم بالمقابل هي جرائم الإسترقاق والسبي، وأخذ الفتيات الايزيديات كجوارٍ وبيعهن في أسواق النخاسة كالبهائم والمزايدة عليهن وفحص جودتهن وبيع أطفالهن متفرقين ولاتزال بعض النسوة الناجيات يبحثن عن مصائر أبنائهن المجهولة.  

  وبعد إنقشاع تلك الغيمة السوداء من الحزن المفاجيء إمتص أيزيديو العالم قوة الصدمة، وبدأوا في تنظيم أنفسهم وإستنفار العالم لإنقاذ أهلهم في العراق. وقد هب أيزيديو أوروباء، وكندا، والولايات المتحدة، وأستراليا، ومن كل مكان في العالم هبة رجل واحد وحركوا قضية الأيزيديين في أعلى مستويات صنع القرار في العالم، وإستنفروا المنظمات الحقوقية القوية المؤثرة، وأسسوا منظماتهم الخاصة ومراصدهم الحقوقية التي 

أستطاعت منذ تلك اللحظة وضع معاناة إقليمهم في واجهة الأحداث لدرجة تصدرها تغطيات أكبر وكالات الأنباء والقنوات الإخبارية القوية والمحترمة دولياً. أسسوا منظمة (يزدا) المنظمة القوية التي أثبتت قوتها للعالم إلى جانب عديد المنظمات والجمعيات التي تعمل داخل وخارج العراق لنصرة قضيتهم الموحدة التي لم يتفرقوا في تحيق غاياتها ولم يتحزبوا وينشقوا فظلت القضية الأيزيدية قضية واحدة مصمتة، للدرجة التي خطفت فيها مجزرة الأيزيديين وسم مجزرة العصر،وهو الوسم الخاص بمجازر دارفور التي لا ولن يضاهيها إجرام أو إبادة في العصر الحديث! إذن كيف غطت هذه على تلك؟ وكلا المجزرتين من الفظاعة والقسوة والتعمد والتواطءُ الداخلي والخارجي سواءٌ! لماذا نجح الأيزيديون في إبقاء قضيتهم قائمة متصدرة لإهتمام العالم بينما فشل الدارفوريون؟ هنا يجب تحليل السلوك وردات الفعل لمعرفة لماذا إستدام النجاح في قضية وتراجع في القضية المقابلة، ولا نقول بفشل القضية الدارفورية ولكن نلمح للهزات والكبوات المتتالية التي قللت من حضورها في واجهة الأحداث رغم إستمرار المجزرة بنفس النسق ونفس القسوة والكراهية لما يقارب الخمسة عشر سنة منذ بداية القرح السوداني المؤلم الذي شغل الدنيا وقتها، وأيغظ ضمير العالم الحي إلى حد توصيف تلك المجزرة بأنها الأفظع في تاريخ العالم الحديث، وكانت الهم الشاغل والموضوع الأبرز في تداولات منظمات الامم المتحدة، وكانت القضية التي نالت عدداً قياسياً من قرارات مجلس الأمن الدولي حتى اليوم. وأيضاً كانت الموضوع الرئيس في تناولات القنوات الفضائية الكبرى، فما الذي طرأ اليوم من جديد لينسي أبناء دارفور-في المقام الأول- الطرق على قضيتهم المحورية التي أثبتوا جدارتهم في توصيلها للعالم من قبل، فقد إستطاعوا في البدايات تأليب الضمير العالمي وإستنفار المنظمات الحقوقية والاممية للدرجة التي أصدر فيها مجلس الأمن أقوى قراراً منذ تأسيسه بشأنها ووصى بالتصويت لتحويل ملف السودان للبند السابع الذي يقتضي التدخل العسكري لانقاذ ضحايا المجازر في السودان، وقبول المحكمة الجنائية الدعاوى المقدمة ضد مسؤولين حكوميين في الدولة السودانية ضالعين في تلك التجاوزات، والتحقيق حولها وإصدار أمراً بالقبض على أكثر من خمسين مجرماً رفضوا التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بالمثول أمامها وتقديم دفوعاتهم بشأن التهم الموجهة إليهم! وكان إصدار المحكمة الجنائية الدولية لأمرها بضبط وإحضار الجناة السودانيين ذروة الجهود القوية التي بذلت من أجل الضحايا والإنتصار لكرامتهم وجراحهم وآلامهم التي عانوها إبان الحرب والمجازر.. وبما أنني وعدت بتحليل الذهنية التي أوقفت التفاعل مع قضية دارفور عند هذا الحد، وفقدانها الصدارة والمناصرة إلى حد أن المدعية الجنائية باتت تغرد وحيدةً غير مدعومة حتى من الدارفوريين أنفسهم، فوقفت القضية الدارفورية على أعتاب باب (الجنائية) بينما الأحداث تمر من تحت الجسر الدارفوري القائم بالأشلاء والدم، وتتوالى الجراحات وتجدد المجازر والإنتهاكات. أن في أذهان أبناء دارفور أن سنام الأمر وغاية مبلغه هو وصول القضية لقاضي التحقيق الدولي وإصدار الأمر الإجرائي بضبط الجناة وجلبهم لساحة المحكمة، دون الملاحظة إلى أن لامحكمة عقدت حتى الآن وإن أمرالقبض محض إجراءاً إدارياً بوليسياً –إن جاز التعبير- وأن الضحايا مازالوا منتظرين إنصافهم بعيداً مناكفة نظام الخرطوم ومد اللسان له نكايةً وفرحاً بأصفاد (بنسودا) التي لم تجد الشرطي الذي سينبري لمهمة جلب الجناة للمحكمة، وأظنها لن تجده في الظرف الراهن..!  إذن لم تبارح القضية مكانها، وفتن النشطاء بأعمدة العدالة في لاهاي وإنتظروا المحاكمة، فأوقفوا إحصاء الضحايا من لحظة (الجنائية) ليُعتمد الرقم 300,000 قتيلاً في كل كلامنا وكتاباتنا رغم أن الضحايا مستمرون في السقوط بالعشرات في كل يوم ومساء من مساءات دارفور الكالحة الحزينة، صرنا نتجاهل المغتصبات ولانبلغ المنظمات الحقوقية؛ فيتجرعن مرارة الألم وثقل العار وحيدات، أما الأرض والوطن فصار للغرباء شواذ الدرب المستجلبون المستقوون بالسلاح وتعطيل العدالة والقضاء فضلاً عن تواطء الجميع وأشير بالخصوص هنا للدارفوريين أصحاب الياقات البيضاء موظفي النظام وولاته ومنسوبي أجهزته الأمنية المنفصمون عن جراحات أهلهم بشخللة الدراهم وسقط الدنيا، لم أستوعب حتى اليوم وأنا اشاهد فيديو لمسؤل دارفوري(منظم) سأله صحفي أجنبي عن حرق القرى وإغتصاب النساء وتشريد العزل، فقال أن الأمر(عادي) ليستدركه الصحفي مرة اخري فيرد(نعم الأمر عادي..!) كما أستغرب حتى اليوم الدارفوريين المنضمين لحزب الشيطان متظاهرين على مآسي أهلهم متجاهلين لعذابات خالاتهم وأخوالهم وعماتهم وأعمامهم مستنكرين لاصولهم ومدعين لذوات غير ذواتهم، فلمثل هؤلاء النفعيون وللمحكمة الكسيحة نسيت قضية دارفور وصار كل شيءٍ(عادي) في أذهان الناس، نشطاء وغير نشطاء، وضل الرهان نحو خسارة بائنة لطالما أُوقف الرهان على(كلابيش) فاتو بن سودا وأُحصر أمل (ليلة القبض)  على رأس العصابة للسيدة المسنة فاتو،  وهي نفسها ومحكمتها في عوذ لشرطي يلاحق جانٍ، من الغرابة إنه محمي من أهل الضحية!  ومن الناشطين الذين إستكانوا في منتصف الدرب، لاهم الآن في(ميسهم) الذي إنطلقوا منه ولاهم في درك المقصد المقصود. ثم أن شيً آخر في تركيبتنا الذهنية طوّل من دورة الدم والدموع ولا نعاتب في السجايا والطبائع وهي أن ضحايانا رغم المرات الشحيحة التي يتزكرهم فيها الإعلام الدولي غير قادرين على التعبير عن مظالمهم ولايحبون وصف العذابات التي لاقتهم ولتلك القضية سأسود مقالي القادم. ولكن حري بي القول أن هبة السودانيون من أجل قضية دارفور متوقفة، منتظرة الآن في موقف مدفوع الأجر، كلما إستنفذنا وقتاً أطول دفعناه من دم ودموع الضحايا المساكين، طالما لم نتعلم من غيرنا وهم يطرقون على صفيحهم ساخناً فيشكلون الرأي العام الدولي وفقاً لما يخدم قضيتهم فيأمن شعبهم وتبرأ جراحهم عاجلاً غير آجلٍ، مثلما طرق الأيزيديون علي مظلمتهم طرق حريف حتى صاروا شغل العالم الشاغل ولايمر اسبوع من دون مشاهدة تحقيقاً أو وثائقياً عن مأساة سنجار التي انقضت منذ سنة وضمدت الجراح وجبر الكسر ومازالوا يطرقون ويتفاعل العالم معهم حتى اللحظة. ومأساتنا في دارفور لابواكٍ عليها بسبب القبة المصمتة التي نجح النظام في ضربها حول الاقليم فلا يدخلنها اليوم صحافياً أو أجنبياً خوف أن ينقل للعالم إستمرار المحرقة.. ونشطاء الإقليم إنتهت القضية بالنسبة لهم (بإنتهاء مراسم الرفع) للمحكمة الجنائية الدولية.
إبراهيم عمر/ حيدر اباد 2018
abrahamonline66@gmail.com 

اعلان

إعلانك هنا