الكودة: قضية دارفور ليست مجرد صراع حول السلطة إنها قطيعة إجتماعية عميقة بين السودانيين - موقع الحوش نيوز

موقع الحوش نيوز

موقع الحوش نيوز

اخر الأخبار

اعلان

ضع إعلانك هنا

اعلان

إعلانك هنا

Friday, September 7, 2018

الكودة: قضية دارفور ليست مجرد صراع حول السلطة إنها قطيعة إجتماعية عميقة بين السودانيين

يرى بعض الإخوة الكرام ولهم مني التحية والاحترام، أنه ليس من أولويات الآن طرح قضايا فكرية بحجة أن الواقع السوداني في غنىً عنها لأنه يعاني من صف الرغيف كما يعاني من صف الوقود، وللنظام ظلم والأفواه مكممة، وأجد نفسي اتفق تماماً فيما يَرَوْن، ولكن هل يُعَالَجْ الواقع بهذه “الونسة” التي تؤكد في كل ثلاث مداخلات في مجموعة من مجموعات (واتساب) أننا مختلفين، وأحياناً  يصل بِنَا الاختلاف حداً للتنابز، فالاختلاف أصبح  سمةً وحالة إدمان مرضي (أنا أختلف أنا موجود)، والحوار الذي يديره غالبية  النخب من المفكرين والسياسيين والإعلاميين (من غير تعميم طبعاً) والذي يدور الآن  في الصحف والاسافير لن يسهم في حل المشكل السوداني، بل يزيدها تعقيداً لأنه حوارٌ فطير وبلا أجندة متفق عليها، وتتقاطع فيه المصالح الشخصية والخاصة والخوف، يقابله من الطرف الآخر النظام بعدم مبالاة ليس لها مثيل ولا نظير وبطش من لا يخشي الله.
حول بعض مما كتبت قال لي بعض الاخوة: ماذا نستفيد من خروج أهل الكتاب من النار ودخولهم الجنة؟
بالطبع إذا كان الموضوع مجرد إجراءات لا أعتقد أن هنالك فائدة منه، ولكن في تقديري أن القضية ليست بهذه البساطة ولها ما بعدها من تأثيراتٍ سياسية واجتماعية، وإن لم يكن ذلك كذلك لَمَا أصبح هذا الموضوع قرآناً يُتلي، وفِي تقديري أن الاتفاق حول هذه المسائل العقدية وغيرها من القضايا الخلافية  الأخرى مهم جداً ويساهم بقوة في الاستقرار الاجتماعي والسياسي والامني، فمثلاً لا زالت قضية الهُوية تمثل عقبة كؤود عند السودانيين، ولا اعتقد أن هنالك من  يظن أن قضية دارفور قضية صراع حول السلطة والثروة، إنما هي قطيعة اجتماعية عميقة بين السودانيين، تحتاج لأن نفتح هذا الجُرح بشجاعة ونزيل عنه الصديد الذي ظل “يَنْتَح” في جسم الوطن سنينَ عددا.
هِب أن نظام الإنقاذ والذي تسبب في كل هذه الأزمات قد ذهب الآن وليس غداً، فهل سَتُحل مشكلة السودان وأزماته؟ لا أعتقد ذلك ما لم يكن البديل قبل ذهاب الانقاذ قد أسس له منصة تسع كل الناس بكل معتقداتهم الشخصية تنطلق الأحزاب من هذه المنصة تستهدف في تنافسها المواطن في حاجياته، تنافساً لا علاقة له بالعقائد والأيدولوجيا والاستقطاب. أمّا إذا كان ذهاب النظام هو قلب الصفحة فستكون الكتابة في التي تليها ذات الموضوع وبذات الأخطاء وربما أعمق.
ولا يعني ذلك أن نترك الحديث عن معالجة قضايا الناس الحياتية ومقاومة النظام، ولكن علينا جميعاً وكلٌ حسب وسعه أن نقتحم مشكلات الوطن المعقدة والمتعددة من أبوابها المتفرقة، وليتنا كسياسيين وإعلاميين ومفكرين ممن تجاوزت أعمارهم الستين من السنين دخلنا من باب المراجعات وتمليك من هم دوننا سناً وتجربةً اعترافاتنا بأخطائنا بكل شجاعة ليتجاوزوها ويصححوا مسارهم بدلاً من هذه “الونسة” وقتل الوقت.
يحتاج الوطن لكثير من الحوارات حول قضايا ومواضيع بعينها قبل التغيير ومن أهمها (مفهوم الدولة) الذي ولعدم معرفتنا به كان سبباً أساساً لكل أزمات الوطن، فكيف بِنَا نؤسس دولة علي أنقاض رئيس يخاطبنا معترفاً أنه حركة إسلامية كاملة الدسم ولا يجد هذا القول المساحة التي يستحقها من النظر عند المواطن خاصة الأكاديميين والسياسيين وعلماء الدين وأهل الإعلام، فمن العدل الإسلامي الّا يكون الرئيس حركةً إسلامية أو غيرها من الحركات.
وختاماً أقول للشعب السوداني، حكومة ومعارضة، فلنتق الله في وطننا ولنتحمل مسئوليتنا فالخراب كبير، والحمد لله والصلاة والسلام على رسولنا القائل: يا أبا ذرّ جدّد السفينة فإنّ البحر عميق، وأكثر الزاد فإنّ السّفر طويل، وأخْلص العمل فإنّ الناقد بصير، وخفّف الحمل فإن العقبةً كؤود.
مبارك الكوده الثورة – الحارة 20، 3/ سبتمبر/ 2018

اعلان

إعلانك هنا