وأثار هذا التحول ارتياحا لدى المدافعين عن حقوق الإنسان، وأحدث استقرارا أسريا لدى أصحاب هذه المهن البسيطة، ومعظمهم من النازحين من مناطق الحروب والجفاف أو المناطق المهمشة تنمويا، وبعضهم من ضحايا اتساع رقعة الفقر التي طالت أكثر من 50 بالمئة من سكان البلاد.
هاجس كبير
وقبل الثورة، ظلت المطاردات اليومية هاجسا كبيرا لدى باعة الشوارع. وتقول حليمة صديق، وهي بائعة شاي في أحد الشوارع الرئيسة المكتظة بحركة المارة والموظفين والعمال، إنها كانت تتعرض يوميا إلى ما يشبه الابتزاز، حيث تصادر أحيانا أدواتها ومقاعدها وطاولاتها الصغيرة دون أي سبب منطقي، مما يعرضها لخسائر كبيرة تزيد من معاناة أسرتها الذين من بينهم 4 في الجامعات ويحتاجون يوميا إلى مصاريف التنقل والكتب وخلافه.
وكانت حليمة تضطر في بعض الأحيان للاستدانة لتغطية الغرامات والخسائر، قبل أن تعود في اليوم التالي للعمل، أملا في ألا تطالها يد الحملات.
احترام مستحق
وتشدد عوضية كوكو، وهي إحدى أشهر بائعات الأطعمة في الخرطوم، وكرمتها وزارة الخارجية الأميركية عام 2016 ضمن أشجع 10 نساء في العالم لدفعها عن حقوق بائعات الشاي والأطعمة، على أن بائعات الشاي يستحققن الاحترام وإطلاق العنان لهن للعمل بحرية، فمعظمهن رعت أسر خرجت أطباء ومهندسين وعاملين وعاملات في مختلف المهن.
وتقدر عوضية أن عدد الطلاب الجامعيين الذين تعولهن بائعات الشاي والأطعمة بأكثر من 9 آلاف طالب وطالبة.
وتشير إلى أن مهنة بيع الشاي والأطعمة أسهمت في تخريج الآلاف من الأطباء والمهندسين والمعلمين والمحامين وغيرهم.
وتؤكد أن من اخترن هذه المهنة المتعبة والتي تتطلب العمل لأكثر من 12 ساعة تحت لهيب شمس الصيف وصقيع الشتاء وأمطار الخريف يجب أن ينظر إليهن بنظرة احترام، وألا يتم التعامل معهن بتلك الطريقة المجحفة التي كانت تعاملهن بها السلطات المحلية في السابق.