المراقب العام لمنسقيه النزحين واللاجئين بإقليم دارفور الشيخ. مطر يونس في حوار «الراهن الثوري» يقول:
محاكمة البشير داخليا مسرحية ويجب تسليمه للجنائية
مفاوضات جوبا لن تحقق السلام وبعض القادة يردون تكرار التجارب الفاشلة
وما يحدث ليس تغييراً ولو ثمة تغيير لما كانت اللجنة الأمنية تحكم البلاد
اليوناميد «بُعبع» لتخويف الناس ونطالب بتعزيزها بقوات دولية أخرى
هناك من يتاجر بقضايا النازحين واللاجئين والمنسقية العامة للنازحين واللاجئين، هي الجسم الوحيد الذي يمثلهم
يرى الشيخ. مطر يونس، إن ما تم من تغيير بالبلاد لم يلبي طموحاتهم، واعترض على وجود العسكريين ضمن الحكومة الانتقالية، وكذلك على سحب قوات اليوناميد من دارفور، وحث السودانيين لمواصلة النضال لإحداث التغيير الحقيقي، وأعرب عن رفضهم للمشاركة في مفاوضات جوبا، وطالب بعودة المنظمات الدولية لدارفور لتقديم الإغاثة للنازحين، وأبدي مطر امتعاضه حيال تعدد الاجسام التي تزعم تمثيل النازحين واللاجئين في المحافل المحلية والخارجية، وحزر من جعل اللاجئين النازحين أن يكونوا لسع للتجارة او الارتزاق، ويقول أن كل قبيلة بإقليم دارفور موجوعة ،غير إنه يرى أن الوقت ليس مؤاتيا لإجراء مصالحات اجتماعية وقبلية، ويرسل رسائل مهمة إلي الحكومة الانتقالية فإلي مضابط الحوار.
حاوره -الهادي عبد الله
بداية حدثنا عن واقع حياة المواطنين بدارفور؟
الوضع في دارفور بصورة عامة، فريد من نوعه، وبعدها عن الخرطوم، ووعورة طرقها، ومعظم المؤمن الغذائية، تأتي من هناك، هذا انعكس على أسعار السلع، حيث انها تصير ضعف أسعار الخرطوم، ومصادر الدخل قليلة، يعتمد عليها المواطن العادي لكسب قوته اليومي، وهذا أرهق كاهله، والمعيشة لعامة المواطنين صعبة جدا.
اما أوضاع النازحين فهي أصعب، والأدهى والامر المعسكرات عبارة عن زنزانات، وظل النازحين يعشون فيها لـ (18) عاماً، تحت أوضاع مزرية، فاذا تحصلوا على وجبة الفطور، فمن الصعوبة يحصلوا على العشاء، ولو تعشوا من الصعوبة بمكان يحصلوا على وجبة الفطور اليوم التالي، بالإضافة للظروف الأمنية لم تتغير لليوم، ومليشيات النظام البائد، ما تزال تسيطر على الأوضاع، وعندما يخرج النازح من المعسكر يتعرض للاغتصاب او القتل او الضرب، قبل أيام اغتصبت فتيات بمعسكر كلمة، ومجزرة محلية «مرشينج» بجنوب دارفور خير دليل، وهذه هي الحالة الطبيعية للأوضاع بصورة متواترة، ونستغرب ان عمر البشير سقط، وجاءت حكومة عبدالله حمدوك وبينما الأوضاع لم تتغير.
اما بالنسبة اللاجئين دول الجوار السوادني، أحوالهم إن لم تكن اسوء من النازحين، لم تقل سوءا منهم، يفتقرون الي الخدمات الأساسية من غذاء وصحة وسكن وماء وتعليم وغيرها من الخدمات، وليعودوا الي وطنهم محتاجين حلول لقضاياهم، وإن أعظم محنة يعشونها، انهم تركوا اهلم بدارفور.
النظام البائد طرد المنظمات العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية للنازحين بدارفور ما الجهات التي تولت مسؤولية إغاثتهم بعد هذا الطرد؟
صحيح كان توجد منظمات، ولكنها لم تقم بما تطلبه الحالة المعيشية للنازحين، وبعد ان طرد الرئيس المخلوع، كل المنظمات العاملة في إغاثة النازحين، ازدادت الأوضاع سوءا، والآن هناك بعض معسكرات النزحين، لم توزيع عليها الإغاثة لأكثر من 16 شهرا، فإذن اين المنظمات؟ ليس من الممكن أن يعيش النازحين طوال هذا الزمن، دون توزيع المواد غذائية او دوائية وغيرها من المتطلبات الضرورية للإنسان إذا كانت موجودة فعلا، وفي هذا السياق إذا ذهبت لأي مركز صحي بالمعسكرات، تجد طفال مرقدين يعانون من سوء التغذية، وبعض النساء الحوامل، يمتن بسبب فقر الدم وسوء التغذية، ولذا نحن نطالب بعودة كل المنظمات التي طردها النظام السابق لدارفور، لإنقاذ حياة الناس.
كيف تقيمون أداء بعثة الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة المعروفة باليوناميد؟
اليوناميد موجودة، ولكنها فشلت في تنفيذ مهامها، ووجودها عبارة عن «بعبع» لتخويف الناس، ولم تفعل للنازحين شيء، وغير قادرة على حمايتهم من القتل والاغتصاب والضرب والاعتداءات، التي تقم بها المليشيات المسلحة الحكومية، وعندما يتساءل المرء عن دورها يقولون له انها ترفع تقارير بس، ورغم ذلك ليس لدينا مشكلة معها، بل مشكلتنا مع مجلس الامن الدولي؛ لأنه اصدر اكثر من عشرين قرارا بشأن دارفور ولم ينفذها، ويجب عليه الاعتراف بنا كبشر وبحقوقنا كغيرنا من البشر في العالم، وان يستخدم صلاحياته لتطبيق قرارته الخاصة بقضايا دارفور، وإن لم يطبقها فان النازحين سيخرجون في مسيرات تندد به؛ لأنه ساهم في ظلمهم.
رغم تحفظكم تجاه اليوناميد، ما موقفكم حيال عملية انسحابها خلال هذا العام؟
النازحين واللاجئين، يرون انه لم يحدث تغيير في السودان، والذي يحصل هو سقوط عمر البشير، بينما ميلشياته ذهبت للقصر لتحكم، وهذا تكرار لمسرحية الراحل حسن الترابي، إبان انقلابه في (1989م) حيث قال للبشير «اذهب للقصر رئيسا، وانا للسجن حبيسا» وعندما اشدت جزوة الثورة قال البشير للجنته الأمنية، اذهبوا للقصر احكموا، وانا للسجن حبيس، هذا تبادل للأدوار، وتعلمون ان هذا المليشيات ارتكبت إبادة جماعية وتطهير عرقي والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب بدارفور، والآن أصبحت تسيطر على الحكم، وفي الوقت نفسه تقول الأمم المتحدة أنها تسحب اليوناميد!! وهذا يعني تريد إعادة ارتكاب الإبادة الجماعية من جديد، ورغم تحفظنا عليها نطالب ببقائها وتعزيزها بقوات دولية أخرى، لتتمكن من حماية الناس، وإذا سُحبت فإن الوضع الأمني سيكون أسوء، ويترتب عليه أشياء أخلاقية كبيرة جدا، وسحبها خطأ جسيم.
النازحين واللاجئين قدموا تضحيات كبيرة في إطار احداث تغيير يلبي طموحاتهم ويضمد جروحهم ما احساسكم لما حدث في البلاد؟
دفعنا فاتورة باهظة الثمن منذ عام 2003م، وفقدنا مئات الالاف من القتلى والملايين من النازحين واللاجئين والمشردين، قصفنا البشير بالطائرات الحربية، والمدافع، وحتى الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا، وميليشياته حرقت الأخضر واليابس على الارض، وطاردت واعتقلت وعذبت المواطنين، واستخدمت كل عتاد حربي وعسكري ضدنا، وهذا ما أدى لارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، ونضالنا لـ 18 عاما لأجل التغيير الحقيقي، وما يحدث ليس تغييرا يلبي طموحنا، ولو ثمة تغيير ما كانت اللجنة الأمنية تحكم، ومليشيات الدعم السريع، والدفاع الشعبي، والغلاء والتشريد القمع كما هو، وبالأمس قتلت المليشيات نازحين في شنقل طوباي ومرشينج داخل مكاتب جهاز الامن، ونؤكد أنه ليس للشعب السوداني، أمامه خيار إلا مواصلة النضال لإحداث التغيير الحقيقي.
تطالبون بمحاكمة البشير ها هو يحاكم في الخرطوم؟
محاكمة البشير داخليا، عبارة عن مسرحية لخداع الشعب، والتغيير الحقيقي، يحتم على السودان تسليمه، ومعه عبد الرحيم محمد حسين، واحمد هارون، وعلى كوشيب، وكل زمرته للجنائية الدولية، ونعتقد ان الحكومة الانتقالية تتستر عليهم لأنهم ناسها، نطالب بتسليمهم وبحضور ذوي الضحايا في الجنائية، ونزع سلاح المليشيات، وتعويض النازحين واللاجئين فرديا وجماعيا، وطرد المتوطنين الجدد من أراضي النازحين واللاجئين، ان لم يحدث هذا ليس هناك تغيير، وهناك بعض ممن ارتكب جرائم تتم محاكمتهم داخليا.
كيف تنظرون للمفاوضات في عاصمة جوب السودان؟ وهل قُدمت إليكم الدعوة للمشاركة؟
نشكر جمهورية جنوب السودان حكومة وشعبا، لأنهم وقفوا معنا في محننا، آووا اللاجئين السودانيين، مفاوضات جوبا، لن تحقق السلام، لأنه يكون مع الشعب أولاً لأنهم أصحاب الوجع، ومررنا تجربة السلام، مثال على ذلك سلام ابوجا والدوحة، وبسببها قتلوا النازحين والمواطنين بدارفور، والآن بعض القادة يردون تكرار التجربة نفسها، لم يتحقق السلام بهذه الطريقة، والبعض ممن يفاوض الحكومة حاليا، وقعوا اتفاقات مع النظام البائد، وامضوا معه سنوات بالقصر، واتفاقاتهم قتلت الناس، فما هو الجديد أذن في عهد لجنة البشير الأمنية؟ والناس بدارفور غير مقتنعين بان مفاوضات جوبا تجلب لهم السلام، بل تقسيم مناصب ووظائف فقط، ويبقى وضع الحرب كما هو، والسلام يكون بالأمن حيث يشعر به المواطن وعندما يذهب أحدهم لجب الحطب او الماء وغيرها من الضروريات لا يتعرض للخطر، ومفاوضات العواصم لن تجب السلام، ومطالبنا هي حقوق طبيعية يجب ان يتمتع بها كل إنسان، ولم تقدم لنا الدعوة لمفاوضات جوبا نحن مهمومين ومشغولين بقضايانا، ليس بالمفاوضات، وحتى لو قدمت الينا الدعوة لن نلبيها، وإن لم تتغير الأوضاع على الواقع ليس هناك أي كلام من هذا القبيل.
هناك عدد من الاجسام خاصة بالنازحين، لماذا هذا التعدد في الاجسام؟
مع الأسف يعاني ويقاسي النازحين واللاجئين المرارات، ولكن ثمة ناس لا يشعرون بذلك ويتخذونهم كسلم للتجارة، «واي يزول داير منصب في السلطة أو قروش او شهرة إعلامية أو سياسية يتسلق قضيتهم»، وهكذا كان نهجهم في عهد البشير، حيث كل شخصين يكونوا لهما جسم باسم النزحين، لينالوا أموال ومناصب، والامر نفسه يتكرر حاليا وكون الارزقية اجسام باسم النازحين مستفيدين من أجواء مفاوضات جوبا للمشاركة فيها، وهؤلاء لا يستطيعون الذهاب لمعسكرات النزحين، بل يتحدثون للإعلام فقط، مثالا على ذلك هناك جسم مصطنع كونه بعض الارزقية سموه الإدارة العامة النازحين واللاجئين، وكذلك بتحالف نداء السودان جسم يزعم انه يمثلنا والحقيق غير ذلك وهم يقطنون بالخرطوم، وهذه الديكورات لن تنتهي وليس باستطاعتنا ايقافهم، واي زول يريد التعامل معهم فهو حر والحق سينتصر ويزول الباطل، والنازحين واللاجئين ليسو لسع للتجارة أو الارتزاق، والمنسقية العامة للنازحين واللاجئين، هي الجسم الوحيد يمثل النازحين واللاجئين، لأنها كونت من خلال مؤتمر عام للنازحين واللاجئين، وشهدته اليوناميد.
الحرب مزقت النسيج الاجتماعي بدارفور ولاندمال الجروح بالضرورة جراء مصالحات ليعيش الناس بسلام، ما تعليكم؟
الناس بدارفور بطبيعتهم مسالمين ومتسامحين وكريمين، والمشاكل بين القبائل التي حدثت صنعتها الحكومات بالخرطوم، وقسمت الناس لعرب وزرقة، وكل قبيلة موجوعة، ورتق النسيج الاجتماعي يحتاج لتهيئة جو، ليس من الممكن الحديث عن مصالحات، والمليشيات تضرب بأطنابها وتهدد الناس وتطلق المواشي في المزارع، جرائم القتل والاغتصاب ما تزال مستمرة بالإقليم، والحديث عن المصالحات سابق لأوانه حاليا، وبل توفير الامن والغذاء والصحة والتعليم يحب ان يكن حديث الساعة، اما أن تشحر السلاح في وجه الناس وتقول لهم نتصالح فهذا تهديد.
تعرضتم للاعتقال في 2017 بمعسكر الحميدية بوسط دارفور حدثنا عن هذه العملية؟
النظام السابق عنصري وجهوي ولا يعرف ادني مستوى للحرمة او كرامة للإنسان، اختطفني جهاز الامن، واحتجزني في زنزانة منفردا، ثم رحلني بالطائرة لسجن كوبر بالخرطوم، وامضيت أربعة أشهر ونصف، وبعدها فتح ضدي بلاغات تحت مواد عديدة عقوباتها تصل للإعدام، وذلك بسبب مواقفي المناهضة له لأنه يقتل ويغتصب اهلي وهؤلاء دمي ولحمي، كنت انهاضه من على منابر المساجد والاعلام والشوارع، وليس باستطاعته تحمل ذلك، لذا اعتقلني، الظروف كان قاسية داخل المعتقل حيث كنا ننوم في البلاط طوال زمن الاعتقال، ونقضي حوائجنا مرتين في اليوم في الصباح والمساء، اما الطعام فهو عبارة عن وجبة فول سليقة ومعها قطعة خبزة، ورغم يتم تهديدنا بالقتل احد افراد الجهاز قال لي بالحرف «ان مهدد للدولة وراسك دا مفروض يدوه طلقة» ،واخر قال لي: «انتو ناس دارفور جيتونا في عام 1916م لو معجبكم انفصلوا» هذا كان أسلوباً من اساليب القمع، هذا السودان لنا اين نذهب؟ من أحق مننا بالسودان هذا البلد بنوه اجدادنا واباءنا وقتلوا في معارك كرري وغيرها وبنوا الاقتصاد السوداني، «من الذي يدك صدره ويعطني نفسه الأولوية للسودنة أكثر مننا».
نشكر المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والمحاميين والناشطون والطلاب والإعلاميين الشرفاء الذين كتبوا بصدق وامانة للضغط عليه حتى أطلق سراحي، باعتبار أنن لم نرتكب جريمة، فقط كنا نناضل لأجل قضايا مشروعة وطبيعية يجب ان نتمتع بها جميعا.
ختاماً هل من تعليق موجه لجهة ما؟
إلى للدكتور رئيس الوزراء عبدالله حمدوك نكن لك كل الاحترام والتقدير، ولكنك تعيش زمن عصيب، وأنك تقود حكومة امتداد لنظام المؤتمر الوطني، و إلى أعضاء المجلس السيادي، عليكم تلبية طموحات الشعب السوداني الذي يريد دولة المواطنة المتساوية، التي لا تمييز الناس على أساس اللغة او اللون أو الجهة أو القبيلة أو الثقافة أو الدين، والطريق الذي يسلكه المجلس السيادي بل الحكومة الانتقالية برمتها، لا يبني النظام الذي ينشده الشعب السوداني، نريد نظام خالي من هيمنة العسكريين والكيزان، وأنه لابد من محاكمة مرتكبي كل الجرائم استرداد الأموال التي نهبوها الي خزينة الدولة، وتفكيك كل المليشيات، ونؤكد ان ليس هناك جهة تسطيع إزلال الشعب السوداني أو إهانته إنه شعب معلم وملهم، وهو قادر ينزع حقوقه وبناء النظام الذي ينشده، تاريخ مليء بالبطولات، وثورات (1964) و(1985م) و(2019م) تشهد على ذلك، فلديه القدرة للإطاحة بنظام قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، هناك مهلة لقحت إن لم تحقق مطالب الشارع تسقط أيضا، المسألة مسألة وقت فقط، فليحزروا من غضب الحليم.
محاكمة البشير داخليا مسرحية ويجب تسليمه للجنائية
مفاوضات جوبا لن تحقق السلام وبعض القادة يردون تكرار التجارب الفاشلة
وما يحدث ليس تغييراً ولو ثمة تغيير لما كانت اللجنة الأمنية تحكم البلاد
اليوناميد «بُعبع» لتخويف الناس ونطالب بتعزيزها بقوات دولية أخرى
هناك من يتاجر بقضايا النازحين واللاجئين والمنسقية العامة للنازحين واللاجئين، هي الجسم الوحيد الذي يمثلهم
يرى الشيخ. مطر يونس، إن ما تم من تغيير بالبلاد لم يلبي طموحاتهم، واعترض على وجود العسكريين ضمن الحكومة الانتقالية، وكذلك على سحب قوات اليوناميد من دارفور، وحث السودانيين لمواصلة النضال لإحداث التغيير الحقيقي، وأعرب عن رفضهم للمشاركة في مفاوضات جوبا، وطالب بعودة المنظمات الدولية لدارفور لتقديم الإغاثة للنازحين، وأبدي مطر امتعاضه حيال تعدد الاجسام التي تزعم تمثيل النازحين واللاجئين في المحافل المحلية والخارجية، وحزر من جعل اللاجئين النازحين أن يكونوا لسع للتجارة او الارتزاق، ويقول أن كل قبيلة بإقليم دارفور موجوعة ،غير إنه يرى أن الوقت ليس مؤاتيا لإجراء مصالحات اجتماعية وقبلية، ويرسل رسائل مهمة إلي الحكومة الانتقالية فإلي مضابط الحوار.
حاوره -الهادي عبد الله
بداية حدثنا عن واقع حياة المواطنين بدارفور؟
الوضع في دارفور بصورة عامة، فريد من نوعه، وبعدها عن الخرطوم، ووعورة طرقها، ومعظم المؤمن الغذائية، تأتي من هناك، هذا انعكس على أسعار السلع، حيث انها تصير ضعف أسعار الخرطوم، ومصادر الدخل قليلة، يعتمد عليها المواطن العادي لكسب قوته اليومي، وهذا أرهق كاهله، والمعيشة لعامة المواطنين صعبة جدا.
اما أوضاع النازحين فهي أصعب، والأدهى والامر المعسكرات عبارة عن زنزانات، وظل النازحين يعشون فيها لـ (18) عاماً، تحت أوضاع مزرية، فاذا تحصلوا على وجبة الفطور، فمن الصعوبة يحصلوا على العشاء، ولو تعشوا من الصعوبة بمكان يحصلوا على وجبة الفطور اليوم التالي، بالإضافة للظروف الأمنية لم تتغير لليوم، ومليشيات النظام البائد، ما تزال تسيطر على الأوضاع، وعندما يخرج النازح من المعسكر يتعرض للاغتصاب او القتل او الضرب، قبل أيام اغتصبت فتيات بمعسكر كلمة، ومجزرة محلية «مرشينج» بجنوب دارفور خير دليل، وهذه هي الحالة الطبيعية للأوضاع بصورة متواترة، ونستغرب ان عمر البشير سقط، وجاءت حكومة عبدالله حمدوك وبينما الأوضاع لم تتغير.
اما بالنسبة اللاجئين دول الجوار السوادني، أحوالهم إن لم تكن اسوء من النازحين، لم تقل سوءا منهم، يفتقرون الي الخدمات الأساسية من غذاء وصحة وسكن وماء وتعليم وغيرها من الخدمات، وليعودوا الي وطنهم محتاجين حلول لقضاياهم، وإن أعظم محنة يعشونها، انهم تركوا اهلم بدارفور.
النظام البائد طرد المنظمات العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية للنازحين بدارفور ما الجهات التي تولت مسؤولية إغاثتهم بعد هذا الطرد؟
صحيح كان توجد منظمات، ولكنها لم تقم بما تطلبه الحالة المعيشية للنازحين، وبعد ان طرد الرئيس المخلوع، كل المنظمات العاملة في إغاثة النازحين، ازدادت الأوضاع سوءا، والآن هناك بعض معسكرات النزحين، لم توزيع عليها الإغاثة لأكثر من 16 شهرا، فإذن اين المنظمات؟ ليس من الممكن أن يعيش النازحين طوال هذا الزمن، دون توزيع المواد غذائية او دوائية وغيرها من المتطلبات الضرورية للإنسان إذا كانت موجودة فعلا، وفي هذا السياق إذا ذهبت لأي مركز صحي بالمعسكرات، تجد طفال مرقدين يعانون من سوء التغذية، وبعض النساء الحوامل، يمتن بسبب فقر الدم وسوء التغذية، ولذا نحن نطالب بعودة كل المنظمات التي طردها النظام السابق لدارفور، لإنقاذ حياة الناس.
كيف تقيمون أداء بعثة الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة المعروفة باليوناميد؟
اليوناميد موجودة، ولكنها فشلت في تنفيذ مهامها، ووجودها عبارة عن «بعبع» لتخويف الناس، ولم تفعل للنازحين شيء، وغير قادرة على حمايتهم من القتل والاغتصاب والضرب والاعتداءات، التي تقم بها المليشيات المسلحة الحكومية، وعندما يتساءل المرء عن دورها يقولون له انها ترفع تقارير بس، ورغم ذلك ليس لدينا مشكلة معها، بل مشكلتنا مع مجلس الامن الدولي؛ لأنه اصدر اكثر من عشرين قرارا بشأن دارفور ولم ينفذها، ويجب عليه الاعتراف بنا كبشر وبحقوقنا كغيرنا من البشر في العالم، وان يستخدم صلاحياته لتطبيق قرارته الخاصة بقضايا دارفور، وإن لم يطبقها فان النازحين سيخرجون في مسيرات تندد به؛ لأنه ساهم في ظلمهم.
رغم تحفظكم تجاه اليوناميد، ما موقفكم حيال عملية انسحابها خلال هذا العام؟
النازحين واللاجئين، يرون انه لم يحدث تغيير في السودان، والذي يحصل هو سقوط عمر البشير، بينما ميلشياته ذهبت للقصر لتحكم، وهذا تكرار لمسرحية الراحل حسن الترابي، إبان انقلابه في (1989م) حيث قال للبشير «اذهب للقصر رئيسا، وانا للسجن حبيسا» وعندما اشدت جزوة الثورة قال البشير للجنته الأمنية، اذهبوا للقصر احكموا، وانا للسجن حبيس، هذا تبادل للأدوار، وتعلمون ان هذا المليشيات ارتكبت إبادة جماعية وتطهير عرقي والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب بدارفور، والآن أصبحت تسيطر على الحكم، وفي الوقت نفسه تقول الأمم المتحدة أنها تسحب اليوناميد!! وهذا يعني تريد إعادة ارتكاب الإبادة الجماعية من جديد، ورغم تحفظنا عليها نطالب ببقائها وتعزيزها بقوات دولية أخرى، لتتمكن من حماية الناس، وإذا سُحبت فإن الوضع الأمني سيكون أسوء، ويترتب عليه أشياء أخلاقية كبيرة جدا، وسحبها خطأ جسيم.
النازحين واللاجئين قدموا تضحيات كبيرة في إطار احداث تغيير يلبي طموحاتهم ويضمد جروحهم ما احساسكم لما حدث في البلاد؟
دفعنا فاتورة باهظة الثمن منذ عام 2003م، وفقدنا مئات الالاف من القتلى والملايين من النازحين واللاجئين والمشردين، قصفنا البشير بالطائرات الحربية، والمدافع، وحتى الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا، وميليشياته حرقت الأخضر واليابس على الارض، وطاردت واعتقلت وعذبت المواطنين، واستخدمت كل عتاد حربي وعسكري ضدنا، وهذا ما أدى لارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، ونضالنا لـ 18 عاما لأجل التغيير الحقيقي، وما يحدث ليس تغييرا يلبي طموحنا، ولو ثمة تغيير ما كانت اللجنة الأمنية تحكم، ومليشيات الدعم السريع، والدفاع الشعبي، والغلاء والتشريد القمع كما هو، وبالأمس قتلت المليشيات نازحين في شنقل طوباي ومرشينج داخل مكاتب جهاز الامن، ونؤكد أنه ليس للشعب السوداني، أمامه خيار إلا مواصلة النضال لإحداث التغيير الحقيقي.
تطالبون بمحاكمة البشير ها هو يحاكم في الخرطوم؟
محاكمة البشير داخليا، عبارة عن مسرحية لخداع الشعب، والتغيير الحقيقي، يحتم على السودان تسليمه، ومعه عبد الرحيم محمد حسين، واحمد هارون، وعلى كوشيب، وكل زمرته للجنائية الدولية، ونعتقد ان الحكومة الانتقالية تتستر عليهم لأنهم ناسها، نطالب بتسليمهم وبحضور ذوي الضحايا في الجنائية، ونزع سلاح المليشيات، وتعويض النازحين واللاجئين فرديا وجماعيا، وطرد المتوطنين الجدد من أراضي النازحين واللاجئين، ان لم يحدث هذا ليس هناك تغيير، وهناك بعض ممن ارتكب جرائم تتم محاكمتهم داخليا.
كيف تنظرون للمفاوضات في عاصمة جوب السودان؟ وهل قُدمت إليكم الدعوة للمشاركة؟
نشكر جمهورية جنوب السودان حكومة وشعبا، لأنهم وقفوا معنا في محننا، آووا اللاجئين السودانيين، مفاوضات جوبا، لن تحقق السلام، لأنه يكون مع الشعب أولاً لأنهم أصحاب الوجع، ومررنا تجربة السلام، مثال على ذلك سلام ابوجا والدوحة، وبسببها قتلوا النازحين والمواطنين بدارفور، والآن بعض القادة يردون تكرار التجربة نفسها، لم يتحقق السلام بهذه الطريقة، والبعض ممن يفاوض الحكومة حاليا، وقعوا اتفاقات مع النظام البائد، وامضوا معه سنوات بالقصر، واتفاقاتهم قتلت الناس، فما هو الجديد أذن في عهد لجنة البشير الأمنية؟ والناس بدارفور غير مقتنعين بان مفاوضات جوبا تجلب لهم السلام، بل تقسيم مناصب ووظائف فقط، ويبقى وضع الحرب كما هو، والسلام يكون بالأمن حيث يشعر به المواطن وعندما يذهب أحدهم لجب الحطب او الماء وغيرها من الضروريات لا يتعرض للخطر، ومفاوضات العواصم لن تجب السلام، ومطالبنا هي حقوق طبيعية يجب ان يتمتع بها كل إنسان، ولم تقدم لنا الدعوة لمفاوضات جوبا نحن مهمومين ومشغولين بقضايانا، ليس بالمفاوضات، وحتى لو قدمت الينا الدعوة لن نلبيها، وإن لم تتغير الأوضاع على الواقع ليس هناك أي كلام من هذا القبيل.
هناك عدد من الاجسام خاصة بالنازحين، لماذا هذا التعدد في الاجسام؟
مع الأسف يعاني ويقاسي النازحين واللاجئين المرارات، ولكن ثمة ناس لا يشعرون بذلك ويتخذونهم كسلم للتجارة، «واي يزول داير منصب في السلطة أو قروش او شهرة إعلامية أو سياسية يتسلق قضيتهم»، وهكذا كان نهجهم في عهد البشير، حيث كل شخصين يكونوا لهما جسم باسم النزحين، لينالوا أموال ومناصب، والامر نفسه يتكرر حاليا وكون الارزقية اجسام باسم النازحين مستفيدين من أجواء مفاوضات جوبا للمشاركة فيها، وهؤلاء لا يستطيعون الذهاب لمعسكرات النزحين، بل يتحدثون للإعلام فقط، مثالا على ذلك هناك جسم مصطنع كونه بعض الارزقية سموه الإدارة العامة النازحين واللاجئين، وكذلك بتحالف نداء السودان جسم يزعم انه يمثلنا والحقيق غير ذلك وهم يقطنون بالخرطوم، وهذه الديكورات لن تنتهي وليس باستطاعتنا ايقافهم، واي زول يريد التعامل معهم فهو حر والحق سينتصر ويزول الباطل، والنازحين واللاجئين ليسو لسع للتجارة أو الارتزاق، والمنسقية العامة للنازحين واللاجئين، هي الجسم الوحيد يمثل النازحين واللاجئين، لأنها كونت من خلال مؤتمر عام للنازحين واللاجئين، وشهدته اليوناميد.
الحرب مزقت النسيج الاجتماعي بدارفور ولاندمال الجروح بالضرورة جراء مصالحات ليعيش الناس بسلام، ما تعليكم؟
الناس بدارفور بطبيعتهم مسالمين ومتسامحين وكريمين، والمشاكل بين القبائل التي حدثت صنعتها الحكومات بالخرطوم، وقسمت الناس لعرب وزرقة، وكل قبيلة موجوعة، ورتق النسيج الاجتماعي يحتاج لتهيئة جو، ليس من الممكن الحديث عن مصالحات، والمليشيات تضرب بأطنابها وتهدد الناس وتطلق المواشي في المزارع، جرائم القتل والاغتصاب ما تزال مستمرة بالإقليم، والحديث عن المصالحات سابق لأوانه حاليا، وبل توفير الامن والغذاء والصحة والتعليم يحب ان يكن حديث الساعة، اما أن تشحر السلاح في وجه الناس وتقول لهم نتصالح فهذا تهديد.
تعرضتم للاعتقال في 2017 بمعسكر الحميدية بوسط دارفور حدثنا عن هذه العملية؟
النظام السابق عنصري وجهوي ولا يعرف ادني مستوى للحرمة او كرامة للإنسان، اختطفني جهاز الامن، واحتجزني في زنزانة منفردا، ثم رحلني بالطائرة لسجن كوبر بالخرطوم، وامضيت أربعة أشهر ونصف، وبعدها فتح ضدي بلاغات تحت مواد عديدة عقوباتها تصل للإعدام، وذلك بسبب مواقفي المناهضة له لأنه يقتل ويغتصب اهلي وهؤلاء دمي ولحمي، كنت انهاضه من على منابر المساجد والاعلام والشوارع، وليس باستطاعته تحمل ذلك، لذا اعتقلني، الظروف كان قاسية داخل المعتقل حيث كنا ننوم في البلاط طوال زمن الاعتقال، ونقضي حوائجنا مرتين في اليوم في الصباح والمساء، اما الطعام فهو عبارة عن وجبة فول سليقة ومعها قطعة خبزة، ورغم يتم تهديدنا بالقتل احد افراد الجهاز قال لي بالحرف «ان مهدد للدولة وراسك دا مفروض يدوه طلقة» ،واخر قال لي: «انتو ناس دارفور جيتونا في عام 1916م لو معجبكم انفصلوا» هذا كان أسلوباً من اساليب القمع، هذا السودان لنا اين نذهب؟ من أحق مننا بالسودان هذا البلد بنوه اجدادنا واباءنا وقتلوا في معارك كرري وغيرها وبنوا الاقتصاد السوداني، «من الذي يدك صدره ويعطني نفسه الأولوية للسودنة أكثر مننا».
نشكر المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والمحاميين والناشطون والطلاب والإعلاميين الشرفاء الذين كتبوا بصدق وامانة للضغط عليه حتى أطلق سراحي، باعتبار أنن لم نرتكب جريمة، فقط كنا نناضل لأجل قضايا مشروعة وطبيعية يجب ان نتمتع بها جميعا.
ختاماً هل من تعليق موجه لجهة ما؟
إلى للدكتور رئيس الوزراء عبدالله حمدوك نكن لك كل الاحترام والتقدير، ولكنك تعيش زمن عصيب، وأنك تقود حكومة امتداد لنظام المؤتمر الوطني، و إلى أعضاء المجلس السيادي، عليكم تلبية طموحات الشعب السوداني الذي يريد دولة المواطنة المتساوية، التي لا تمييز الناس على أساس اللغة او اللون أو الجهة أو القبيلة أو الثقافة أو الدين، والطريق الذي يسلكه المجلس السيادي بل الحكومة الانتقالية برمتها، لا يبني النظام الذي ينشده الشعب السوداني، نريد نظام خالي من هيمنة العسكريين والكيزان، وأنه لابد من محاكمة مرتكبي كل الجرائم استرداد الأموال التي نهبوها الي خزينة الدولة، وتفكيك كل المليشيات، ونؤكد ان ليس هناك جهة تسطيع إزلال الشعب السوداني أو إهانته إنه شعب معلم وملهم، وهو قادر ينزع حقوقه وبناء النظام الذي ينشده، تاريخ مليء بالبطولات، وثورات (1964) و(1985م) و(2019م) تشهد على ذلك، فلديه القدرة للإطاحة بنظام قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، هناك مهلة لقحت إن لم تحقق مطالب الشارع تسقط أيضا، المسألة مسألة وقت فقط، فليحزروا من غضب الحليم.