مصر والسودان والهجرة واللجوء.! - موقع الحوش نيوز

موقع الحوش نيوز

موقع الحوش نيوز

اخر الأخبار

اعلان

ضع إعلانك هنا

اعلان

إعلانك هنا

Wednesday, June 21, 2023

مصر والسودان والهجرة واللجوء.!

 

مصر والسودان والهجرة واللجوء.!

بقلم: خالد محمود

يتصدر المشهد السياسي والاعلامي في مصر والسودان اليوم ، نقاش حول موقف مصرالرسمي والشعبي من الواقع الانساني الطاريء والجديد في السودان ، والخاص بمدى استيعابها لموجات الاشقاء السودانيين الذين اضطرتهم الحرب العبثية الاجرامية الدائرة في الخرطوم بين الجيش السوداني والدعم السريع للرحيل ، وفي حين استقبلت الدفعة الاولى من القرارات الحكومية المصرية التي تلت الحرب والتي تم فيها الغاء التاشيرات و انتصرت لفتح الحدود بلا حدود بالترحاب المطلق ، تراوحت ردود الافعال تجاه القرات الاخيرة ، التي اشترطت حصول جميع السودانيين على تأشيرة دخول ، بين التحفظ والهجوم المطلق في الشارع السوداني وصفحات التواصل.

وبالتأكيد ، ليست مهمة هذا المقال ولا هذه المساحة، الدفاع عن – أو تبرير قرارات الحكومة، فللحكومة ، منطقها الذي تعلنه، ولها كتابها ممن يدافعون عنها فيه ، لكن مهمة المقال هو الحفاظ على الزخم الشعبي الايجابي بين مصر والسودان، و محاولة تنزيل الحوار المصري السوداني الى ارض العقلانية ، وقطع الطريق على تحول الموضوع الى سحابة في العلاقة بينهما ، أو الى تحويله الى معركة كلامية، في وقت غير ملائم بالمرة.

فابتداء ، موضوع “الهجرة-واللجوء ” ، كقضية وعي ، ينبغي أن يناقش ، بوصفه يضم خليط من مراعاة الالتزام الانساني ، في احد جوانبه ، و بمراعاة الجانب الموضوعي والواقعي على الجانب الاخر،اذ لاينبغي ابرازه كفعل ايثاري أو “حاتم -طائي” أو اخلاقي محض، أو النظر اليه كفعل مصالحي حساباتي فحسب ، وانما هو يمثل ظاهرة فيها شيء من العنصرين، وهي اشارة جزء منها موجه الينا كمصريين ، حين يناقشه البعض من بوابة “مصر تفتح ابوابها” فقط ، وكسودانيين حين يطرحه البعض من بوابة “انتم تتربحون من وجودنا”.

الهجرة واللجوء ابتداءا، أصبحت واقعا عالميا ، بعد سقوط الاتحاد السوفيتي والعالم ثنائي القطبية ، وتفجر الاثنيات واطارات الدول الوطنية الهشة ، وتسيد العولمة وهبوب عاصفة الربيع العربي وحدوث السيولة الديموغرافية عبر الهجرة الشرعية وغير الشرعية واشتداد الأزمة الاقتصادية، وطبقا لهذا لم تعد الظاهرة حكرا على بلد أو منطقة ، واصبح كل شعب ، و كل فرد في العالم (الى حد كبير) هو مشروع (مستقر ومهاجر) ، (مواطن –وافد)، طبقا لاختلاف الظروف السياسية والاجتماعية والتي يمكن أن تتبدل على صعيد الشعوب أو على مستوى الفرد الواحد بسرعة ماراثونية ، وبالتالي اصبح نقاشه أصبح”بالحتم” يحتاج الى ثقافة عالمية ، لامكان للثقافات العصبوية والشعبوية- القومجية ورهاب الاجانب ، واصبح تشكيل وتبني ثقافة رافضة للعنصرية ليس خيارا تفضيليا أو تفضليا أو أخلاقيا فقط ، وانما طوق النجاة لنا جميعا اذا ما استيقظ احدنا ليجد نفسه وافد في “بلد الغريب “.

قد يحتج البعض هنا في مصر بالقول أننا “لسنا سوريةوليبيا ” ، وأننا لسنا في هذه المنطقة من الطروحات ، وأننا لم ندخل عالم اللجوء والهجرة الجماعية (ولن ندخله) ، لكن هذه حقيقة مبتورة اذا ماتذكرنا أن تحويلات المصريين من الخارج حاليا والتي بلغت العام الماضي فقط 30 مليار دولار هي الرقم الأهم في حياتنا ، وأن صناع هذا الرقم هم “مهاجرون اقتصاديون وربما “سياسيون” يستيقظون في الصباحات ليجدوا أنفسهم بعيدا عن مجتمعاتهم الأصلية ، في مجتمعات مضيفة ، تظللهم فقط مع أصحابها ، ثقافة انسانية ذات قيمية عابرة للحدود.

جانب آخر في قضية ” الهجرة واللجوء ” لايقل أهمية ،هو أنها ، وأيضا بعيدا عن الاعتبارات الاخلاقية والانسانية ، هي في النهاية “ظاهرة اقتصادية اجتماعية” لها مكاسبها وخسائرها . وفي الحالة المصرية ، وطبقا لتقرير منظمة الهجرة العالمية ، مثلا استضافت مصر قرابة 9 مليون لاجيء منهم 4 مليون سوداني ومليون ونصف سوري ن ومليون يمني ، ومليون ليبي ، وشكل هؤلاء اللاجئون في جانب دعما واضافة مليارية بحساب الدولار للاقتصاد المصري (السوريون فقط اضافوا مليار دولار استثمارات مباشرة في عام) ، اقاموا مؤسسات ومصانع واشتروا عقارات واشتروا خدمات طبية وغير ذلك.

لكن في الجانب الآخر ، وهذا نقاش مهم مع الأشقاء السودانيين بعد ان فجره الاعلامي في قناة العربية سعدالدين حسن ، في مقابل (هذا المنجز الاقتصادي ) ، يمثل هؤلاء المهاجرين (ضغطا اجتماعيا ) هائلا على الخدمات في مصر ، وعلى قدرة المواطنين المصريين في شراء واستئجار عقار ، وعلى المنافسة في سوق العمل خاصة لدى الفئات الهشة االاجتماعية في ظل ارتفاع التضخم وارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب المصري ، وفي بلد يعاني من ظروف اقتصادية صعبة، ولاشك أن البعد الاجتماعي والاقتصادي هم جزء من المعادلة السياسية.

لقد فتحت القرارات الاخيرة الخاصة بقرارات تعميم “الحصول على التأشيرة” هذا النقاش بكل ابعاده، ونتفهم ، وهنا اتكلم بالصوت الشعبي ، نتفهم أن يتحفظ الأشقاء السودانيين الفارين من الحرب الاجرامية العبثية الدائرة في الخرطوم ، والذين يتمنون أن تفتح لهم المعابر في مختلف نقاطهم الحدودية بلا تحفظات ، نتفق مع كثيرين ان القرارت كانت بحاجة الى صياغات واستثناءات ، والى درجة من تغليب الانساني على الواقعي بل ويمكن أن نتفق ايضا مع حق انتقادها ، ومع الرؤية القائلة بأن جهدا اكبر يليق بالاواصر العميقة بين الشعبين المصري والسوداني يجب ان يبذل لانتشال المنكوبين، لكن ما لا نتفق فيه هو تحويل هذه الانتقادات الى “حملة عدائية في المواقع الالكترونية والأسافير” (وسائل التواصل الاجتماعي) ، ودخول مدمني ال”مصرو-فوبيا ” المتربصين عند كل منحنى ،واصحاب أنشودة “مصر ليست شقيقة بلادي على الخط”، ولينتظرهم في الجهة المقابلة في مصر ، مهاويس التواصل الاجتماعي وغوغائيو “المركزية المصرية” ليصنعوا معركة سلبية شعبوية هي عبء علينا جميعا.

نحن بحاجة الى نقاش الموضوع في حجمه ،بمعيار يوضع فيه القدوم السوداني لمصر في ميزان ، ليقر بأنه وان كان اليوم “عممت التأشيرة على الجميع” ،،، فهناك 4 مليون سوداني بالفعل قبل الحرب و200 الف بعد الحرب ، و يتفهم قدرات المصريين راهنا ،خصوصا أن مصر لاتتبع نموذج المعسكرات في اللجوء ، وأن القادمين سيصبحوا في قلب الحياة المصرية ، وأذكر الاخوة السودانيين بهذا الصدد ، ان النقاش السوداني السوداني ذاته لمشاكل “تزايد النزوح” و”قضية الاستضافة” طرح في مدن الداخل السوداني نفسها بدون اي عاطفية وبمشرط الجراح، بعد أن وصلت الايجارات الى ارقام دولارية فلكية ، وكانت الصراحة بحسب ماتابعنا على “فيسبوك” والصحف سيدة الموقف . فهل تنكرون على الخارج ما يتم في النقاش السوداني –السوداني بالداخل ؟.

بايجاز ، يهمنا ، على الصعيد الشعبي ، أن نذكر أن الحرص على مايملكه الشعبين المصري والسوداني من “رأسمال رمزي مشترك “، مهمة شائكة ، وهي كما تتطلب استدعاء وعيا مصريا يستدعي كل تراث هذا الشعب العظيم في قبول التعايش من الهلنستية الى الكوزموبوليتانية السكندرية الى هجرات الشوام ، وتتطلب استدعاء مصري-سوداني لمشتركات مسيرة وادي النيل التي جمعتهما وستظل ، تتطلب ايضا استدعاءا لوعي سوداني نوعي تجاه “الافتراضيين المؤذييين”، الذين لايملون من زرع الالغام على الأسافير “شبكات التواصل”..بهدف تفجيرها بعد ذلك في الواقع.مصر والسودان والهجرة واللجوء.!



اعلان

إعلانك هنا