سؤال الما بعد الحرب بالسودان !! - موقع الحوش نيوز

موقع الحوش نيوز

موقع الحوش نيوز

اخر الأخبار

اعلان

ضع إعلانك هنا

اعلان

إعلانك هنا

Monday, October 9, 2023

سؤال الما بعد الحرب بالسودان !!

 

سؤال الما بعد الحرب بالسودان !!

بقلم: عثمان قسم السيد

عندما أقدم جنرالات السودان ومناصريهم ،، على أشغال الحرب، لم يضع أحد من أقطابهم، ولا من مناصريهم من الأحزاب، سؤال الما بعد، أي ماذا سيحدث من هزات؟ وماذا سيندلع من حرائق؟ وماذا سيحل بالشعب السودانى من تنكيل وتشريد؟ أنصار أحزاب العسكر وأنصار قوى الحرية والتغير "قحت" يقدمون، من خلال إعلامهم، شخصية تشبه شخصيات الرسوم المتحركة، كشخصية المستشار السياسى للدعم السريع عزت الماهري الذي يكيل الهزائم الوهمية للعدو، ويصدق أن "العسكر أو الفلول قد خسئوا"، وأن الخرطوم محقت أعداءها الجبناء. أو كشخصية وجدى صالح " قحت" بهزيمة البرهان وعودة الفلول حيث ملاء القحاته القنوات العربية والدولية بالافتراءات الكازبة ضد الجيش السوداني ومستنكرين انقلاب 25 أكتوبر . فى حين أن الفرصة كانت سانحة لهم لمدة أربعة سنوات لصناعة دولة مدنية ديمقراطية مستقرة فانشغلوا بالتفاهات والتشفي من الكيزان ( حزب المؤتمر الوطنى المحلول) من خلال لجنة إزالة التمكين فازالوا كل شئ ماعدا قوات الدعم السريع متناسين بقصد أو بغير قصد خطورة هذه المليشيات على الدولة.
أما شخصيات المناصرين للجيش السودانى من أحزاب وحركات مسلحة !!فيتراشق وزرائها ومنسوبيها بضرورة إستمرار الصراع والحرب إلى ما لانهاية!!
لا أحد وضع في حسابه احتمال الهزيمة، وما سيترتب عنها. لا أحد وضع في حسابه احتمال انهيار الدولة، واحتلال السودان وتقسيمه وتركيعه. لا أحد كلف نفسه عناء تحضير البلاد للاحتمالات الممكنة، وتحضير الشعب السودانى للمحنة القادمة، أو استشارته في ما سيقبل عليه من تضحيات وآلام.

فكأن جنرلات الحرب( الجيش والدعم السريع) واثقين من أنفسهم، ومن خطتهم، ولا يتوقعون مستقبلاً خارج احتمالاته، وكانوا متأكدًين أنه سيكون في الما بعد، كيفما كان هذا الما بعد، مأدبة انتصار مستحيل أو حقل خراب، وكان متأكداً أن الدمار الذي سيلحق بالبلاد سيذهب بكل شيء سواه، وأنه في لحظة الغرق لن يكون هناك أحد غيرهم، ليلقي طوق النجاة للغرقى، ليستأنف معهم إبحاراً آخر نحو غرق جديد.

العمى السياسي نفسه أصاب العسكر و الأحزاب السودانية في ما بعد، عندما رفضوا أن يقرؤون تحولات العالم من حولهم، فلم يكلفوا انفسهم عناء الإنصات إلى شعبٍ حكم منذ عقود بالحزب الوحيد، وبالانقلابات والفشل السياسي، وبلا "صوت يعلو فوق صوت المعركة"، وعوض التفاوض مع الثوار الأحرار الديموقراطيين الذين نزلوا إلى الشارع، وترتيب انتقال حكيم معهم، رد عليهم بالرصاص الحي بفض إعتصام القيادة العامة يونيو 2019 ، من دون أن يفكروا لحظة واحدة بمخاطر "التربص بالسودان "، والإيقاع به في براثن حرب أهليةٍ، لا تجد لنفسه تربة أخصب من تربة العنف والتعصب.

والأغرب من هذا أن لا يلتقط نظام جنرالات الحرب والأحزاب السودانية ولا استثنى أحد ""فلول وقحت وحركات ""، القائم على إحصاء أنفاس الناس، شيئاً مما حضر للسودان، وأن لا يتوقعوا، وهو يمشون بين الدماء والأشلاء، أن وحوش الحرب ستتناسل حتماً في هذا النزيف، وها هو النظام السودانى يتقدم نحو ما يعتبره انتصاره الوشيك على "الإرهاب ومعركة الكرامة"، ولا يتوقفوا ليسألوا انفسهم، ثم ماذا بعد؟ ماذا بعد خراب المدن والاقتصاد والبيئة؟ ماذا بعد تشريد الملايين، ومقتل مئات الآلاف؟ ماذا بعد خراب الروح؟ هل يمكن بناء شيء على أسس الفجائع التي لن يغفرها أحد؟.

ثم ماذا بعد هذا الخراب والدمار بالخرطوم وبالبنية التحتية للدولة وهل تعوض الأرواح التي فقدت؟ سؤال بسيط لا يطرحه أحد في الدولة السودانية ، ولو على سبيل رياضة ذهنية عابرة، كل شيء رهين بالمؤقت والآني، والقناعات الخاطئة لا تنهار إلا بالانهيار الجسدي لأصحابها . ماذا بعد الذي سيمضي، وبعد الذي سيأتي، وبعد الذي سيأتي بعده الطوفان، وماذا بعد الطوفان؟؟

أسئلة كثيرة كلها تنتمي إلى سؤال واحد هو سؤال الما بعد، والذي وجدت له الديموقراطية جواباً بسيطاً، هو التغيير ضمن الاستمرارية، ووجد له الاستبداد جواباً تراجيدياً، هو أنا أو الأرض الخراب.
في كل المجتمعات التي استدعت المستقبل إلى حاضرها، هناك خلف كل الصناعات والرهانات والنجاحات صناعةٌ لا يسمح أحد بانهيارها، هي صناعة الأمل، تلك التي تطعم كل يوم، من خلال المعرفة والفن والتكنولوجيا، عقول الشباب ووجدانهم، وتضعهم في قلب المغامرة العظيمة التي اسمها الحياة، بما تعنيه من إمكان، ومن استحالة، ومن تسابق على الأراضي البكر للمستقبل، ومن إقامة خطرة في الحد الفاصل بين الهنا والآن.

عندما أتكلم مع شباب سوداني واعي من مجتمعات سودانية متفرقة ،أنبهر من حجم الأشياء الممكنة والمبهجة التي توجد في لغتهم وأفكارهم ، حتى عندما تكون هذه اللغة رافضة وقاسية، فإنها تكون ذات قدرة تفكيكية عالية، تعري الواقع، وتحول سواده العميق إلى إنارة معرفية، في نوع من السعي إلى السيطرة على العالم بالكلمات، إنها قدرة مناقضة تماماً لخطاب الرفض الذي يهيمن في المجتمعات، التي تنفي المستقبل من حاضرها، وتجتهد في استدعاء الماضي وإعلائه دائماً فردوساً مفقوداً. هنا نجد لغة عاجزة عن التفكيك، مغرقة في الهجائية السطحية، لا تستطيع العثور في حطام المرحلة على شيء نفيس تنقذه، ولا تبتكر في مواجهة سواد المصائر سخرية سوداء تجعل من لذة الكلمات جسراً للعبور نحو الضوء.

خاتمة
إن معطيات وتطورات الحرب التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15/4/2023، ترجح احتمال استمرار هذه الحرب لفترة زمنية طويلة، وقد تتحول إلى حرب أهلية شاملة في حال تمددت جغرافياً لتشمل ولايات أخرى، وانخرطت فيها قوى قبلية وعرقية وحركات مسلحة، وتدخلت فيها أطراف خارجية، إقليمية ودولية، حسب أجنداتها ومصالحها. وبذلك سوف تعيد للأذهان إرث الحروب الداخلية في السودان، حيث استمرت لسنوات وربما لعقود. وسوف يكون لهذا السيناريو تداعياته الكارثية، ليس على الدولة والمجتمع في السودان فحسب، بل على الصعيد الإقليمي. فتفكك الدولة السودانية، وغياب السلطة المركزية، وعسكرة المجتمع، وتمدد الفاعلين المسلحين من غير الدول، كل ذلك وغيره سوف يلقي بتأثيراته على دول جوار السودان، لاسيما وأن معظمهما يعاني من أوضاع داخلية هشة.

فهل يمكن تفادي هذا السيناريو الكارثي؟ هذا هو التحدي الحقيقي.

osmanalsaed145@gmail.com



اعلان

إعلانك هنا