الكاتبة " نائلة فزع "
:
رواية " الغوص في أعماقٍ منسية " للكاتبة " نائلة فزع
(1)
في سيرة أعمالها :كتبت الأستاذة " نائلة فزع " تمثيلية " الرسالة " التي أخرجها أبو العباس محمد طاهر لإذاعة أم درمان عام 1970 ،و كتبت مسرحية "منْ المسئول " أخرجها الأستاذ نور الدين سليمان وقدمت في مسرح معهد تدريب المعلمات 1981 .كتبت مسرحية "نِحْنَ ما نِحْنَ "وأخرجتها للنادي السوداني بمدينة العين الإماراتية ،و كتبت مسرحية " إنت وبس يا سودان" ، كذلك وأخرجتها أيضاً للنادي السوداني بمدينة العين. وكتبت رواية " الموت في زاوية العشق " من إصدار المطبعة الذهبية دبي 2006 . ثم جاءت رواية ( الغوص في أعماق منسية) وقد صدرت في العام2011م .للكاتبة مجموعة مقالات وخواطر في الصحافة السودانية
والإماراتية وعدد من المدونات في الفضاء الإسفيري .
(2)
ليس من السهل أن تمُر عليك كاتبة روائية ،سودانية كحدث عابر ، ولكنه حدثٌ يستدعي كل التاريخ الاجتماعي منذ أن وقف الإنسان على قدمين ، فجمر الحياة الاجتماعية تُحارب إمكانية الخلق وتطارد المبدعين ، فما بالك بما تفعله بالمرأة ، فعليها أن تكون سيدة بيت لا يقتسم معها ثقل الواجبات ولا حجارتها أحد ، و هي في الأغلب الأعم عاملة تشارك الحياة خارج البيت بذات الكفاءة ، وعليها أن تبدو جميلة ومتأنقة ، ترفل في العطر الجاذب ، والرقة الناعمة ، والثوب الأنيق ، ولا يقبل المجتمع التقليدي غير ذلك ، ويطالبها ألا تشتكي !!.
إن سلطة الذكور قاهرة تتمثل المصائر الاجتماعية ولا تَقنَع بالخيارات العادلة ، فمجرد أنها أنثى ختم عليها المجتمع بخواتم العبودية المُغلفة بأثواب الاستحسان ، فقد وقعت وسط الأعاصير لمجرد أنها أنثى .تنصبّ عليها الأحمال بحجارتها ، تحاول أن تحول بينها وبين الروح الإبداعية المنطلقة ، ولكن الكاتبة " نائلة فزع " تخطت تلك الحواجز وحفرت اسمها ضمن كُتاب وكاتبات الرواية السودانية دون شك .
(3)
الكاتبة الروائية " نائلة فزع " من سلالة الذين أوقفوا حياتهم لقضية التعليم منهج حياة قبل أن تكون مهنة ، ومنهج حياة يقتطع فيها الزمان من العُمر قدر ما يستطيع لتكُن الحياة من أجل الآخرين مُتعة لمن يحبها وعملاً يتطلب أن تعيشه بوجدانك لتكُن متوافقاً مع مشاعرك ، وعليك فوق كل ذلك أن تعيش حياتك وتؤدى الواجبات كاملة . وإن نجحت في الخروج من كل تلك الفخاخ ، فتنتظرك أسرتك ، تحاول أن تصنع لهم مهاداً لحياة لاحقة وحياة جديدة مملوءة بالأمل . ففي الإرث " قُم للمعلم وفّه التبجيلا" ، ولم تنل المعلمة ذات العلو ولا تلك المكانة ، وهو شيء يتعين أن نستحي من وقعه على حياتنا الاجتماعية والثقافية . وليس أدل على هذا الحمل الذين ينوء ثقيلاً على الأكتاف ، تلك الهجمة الشرسة على المرأة ، التي تتجدد في كل سانحة ، ومن عجب أن تأتي من الذين يلبسون أثواب العقائد ، كأن لم يقرءوا ما نقلته الروايات عن النبي الأكرم" أوصيكم بالنساء خيراً "! .
(4)
لنا أن نحتفي بالكاتبة الروائية " نائلة فزع " ، ليس حفاوة بقُدرة الجَندر على مغالبة الحياة فحسب ، بل لأنها انتزعت مكانتها لتجلس على كرسي الرواية ، فالكتابة الروائية عمل عسير، ينسج فيه الكاتب أو الكاتبة أثواب الحياة وتلافيف طياتها و تعقيد النقوش والكرانيش على حوافها ، فالكتابة الروائية عمل نبيل ، يحيل الدنيا كلها إلى كلمات تستدعي الصور المتلاحقة المتتابعة والأخيلة الكثيفة.
صنعت الكاتبة شخوصها ، وأدارت لُعبة الحياة الروائية من المُبتدأ إلى المُنتهى . ابتنت بيوتها وأوكارها وساحاتها ، فيها شخوصٌ تسعى وحياة تموج بالنقائض والصراعات والمواقف والسِّير. تعلقت الرواية بالواقع وارتفعت عنه بخيالها الجامح . دخلت النفوس البشرية في تعقيد صراعاتها فعرفنا مشاعر المحبة بأنواعها ، وتعرفنا على مشاعر الغَيرة والحسد والتنافس والانتقام ومشاعر الحزن ومشاعر الفرح والكآبة و البؤس . سرَّبت الكاتبة من خلالها رؤاها ومواقفها من وراء شخوص أبطالها، وامتحانات الحياة في مواقفهم ومبادئهم ، في حياة عاصفة ، برياحها العاتية وكهوفها الغامضة ، ودنياواتها الراحلة خارجة من الوطن ، وعائدة إليه من المهاجر البعيدة . وتكونت حلقة نار أخرى ، وجنان أُخريات، ومصائر جديدة ، انعكست كلها في قِدرٍ يغلي ، وماءٍ مسك
:
رواية " الغوص في أعماقٍ منسية " للكاتبة " نائلة فزع
(1)
في سيرة أعمالها :كتبت الأستاذة " نائلة فزع " تمثيلية " الرسالة " التي أخرجها أبو العباس محمد طاهر لإذاعة أم درمان عام 1970 ،و كتبت مسرحية "منْ المسئول " أخرجها الأستاذ نور الدين سليمان وقدمت في مسرح معهد تدريب المعلمات 1981 .كتبت مسرحية "نِحْنَ ما نِحْنَ "وأخرجتها للنادي السوداني بمدينة العين الإماراتية ،و كتبت مسرحية " إنت وبس يا سودان" ، كذلك وأخرجتها أيضاً للنادي السوداني بمدينة العين. وكتبت رواية " الموت في زاوية العشق " من إصدار المطبعة الذهبية دبي 2006 . ثم جاءت رواية ( الغوص في أعماق منسية) وقد صدرت في العام2011م .للكاتبة مجموعة مقالات وخواطر في الصحافة السودانية
والإماراتية وعدد من المدونات في الفضاء الإسفيري .
(2)
ليس من السهل أن تمُر عليك كاتبة روائية ،سودانية كحدث عابر ، ولكنه حدثٌ يستدعي كل التاريخ الاجتماعي منذ أن وقف الإنسان على قدمين ، فجمر الحياة الاجتماعية تُحارب إمكانية الخلق وتطارد المبدعين ، فما بالك بما تفعله بالمرأة ، فعليها أن تكون سيدة بيت لا يقتسم معها ثقل الواجبات ولا حجارتها أحد ، و هي في الأغلب الأعم عاملة تشارك الحياة خارج البيت بذات الكفاءة ، وعليها أن تبدو جميلة ومتأنقة ، ترفل في العطر الجاذب ، والرقة الناعمة ، والثوب الأنيق ، ولا يقبل المجتمع التقليدي غير ذلك ، ويطالبها ألا تشتكي !!.
إن سلطة الذكور قاهرة تتمثل المصائر الاجتماعية ولا تَقنَع بالخيارات العادلة ، فمجرد أنها أنثى ختم عليها المجتمع بخواتم العبودية المُغلفة بأثواب الاستحسان ، فقد وقعت وسط الأعاصير لمجرد أنها أنثى .تنصبّ عليها الأحمال بحجارتها ، تحاول أن تحول بينها وبين الروح الإبداعية المنطلقة ، ولكن الكاتبة " نائلة فزع " تخطت تلك الحواجز وحفرت اسمها ضمن كُتاب وكاتبات الرواية السودانية دون شك .
(3)
الكاتبة الروائية " نائلة فزع " من سلالة الذين أوقفوا حياتهم لقضية التعليم منهج حياة قبل أن تكون مهنة ، ومنهج حياة يقتطع فيها الزمان من العُمر قدر ما يستطيع لتكُن الحياة من أجل الآخرين مُتعة لمن يحبها وعملاً يتطلب أن تعيشه بوجدانك لتكُن متوافقاً مع مشاعرك ، وعليك فوق كل ذلك أن تعيش حياتك وتؤدى الواجبات كاملة . وإن نجحت في الخروج من كل تلك الفخاخ ، فتنتظرك أسرتك ، تحاول أن تصنع لهم مهاداً لحياة لاحقة وحياة جديدة مملوءة بالأمل . ففي الإرث " قُم للمعلم وفّه التبجيلا" ، ولم تنل المعلمة ذات العلو ولا تلك المكانة ، وهو شيء يتعين أن نستحي من وقعه على حياتنا الاجتماعية والثقافية . وليس أدل على هذا الحمل الذين ينوء ثقيلاً على الأكتاف ، تلك الهجمة الشرسة على المرأة ، التي تتجدد في كل سانحة ، ومن عجب أن تأتي من الذين يلبسون أثواب العقائد ، كأن لم يقرءوا ما نقلته الروايات عن النبي الأكرم" أوصيكم بالنساء خيراً "! .
(4)
لنا أن نحتفي بالكاتبة الروائية " نائلة فزع " ، ليس حفاوة بقُدرة الجَندر على مغالبة الحياة فحسب ، بل لأنها انتزعت مكانتها لتجلس على كرسي الرواية ، فالكتابة الروائية عمل عسير، ينسج فيه الكاتب أو الكاتبة أثواب الحياة وتلافيف طياتها و تعقيد النقوش والكرانيش على حوافها ، فالكتابة الروائية عمل نبيل ، يحيل الدنيا كلها إلى كلمات تستدعي الصور المتلاحقة المتتابعة والأخيلة الكثيفة.
صنعت الكاتبة شخوصها ، وأدارت لُعبة الحياة الروائية من المُبتدأ إلى المُنتهى . ابتنت بيوتها وأوكارها وساحاتها ، فيها شخوصٌ تسعى وحياة تموج بالنقائض والصراعات والمواقف والسِّير. تعلقت الرواية بالواقع وارتفعت عنه بخيالها الجامح . دخلت النفوس البشرية في تعقيد صراعاتها فعرفنا مشاعر المحبة بأنواعها ، وتعرفنا على مشاعر الغَيرة والحسد والتنافس والانتقام ومشاعر الحزن ومشاعر الفرح والكآبة و البؤس . سرَّبت الكاتبة من خلالها رؤاها ومواقفها من وراء شخوص أبطالها، وامتحانات الحياة في مواقفهم ومبادئهم ، في حياة عاصفة ، برياحها العاتية وكهوفها الغامضة ، ودنياواتها الراحلة خارجة من الوطن ، وعائدة إليه من المهاجر البعيدة . وتكونت حلقة نار أخرى ، وجنان أُخريات، ومصائر جديدة ، انعكست كلها في قِدرٍ يغلي ، وماءٍ مسك