تداعيات انقلاب النيجر على دول القرن الأفريقي المضطربة بين أحداث دامية ومتغير سياسي..!!
تقرير: عبد القادر جاز
يُلاحظ أن الإضرابات الأمنية التي وقعت بدول القرن الأفريقي لم يستفاد من الدروس والعبر الناتجة عنها لإيجاد الحلول والمعالجات المناسبة لإحداث استقرار في المنطقة، السؤال الذي يفرض نفسه، هل من خطة إسعافية لتلافي قيام حرب شاملة بالمنطقة ؟ أم أن هناك أمل في الحل؟
من واقع الصعوبات التي عليها مناطق شرق ووسط القارة السمراء، ألا ترى أن تحكيم الديمقراطية في هذه المناطق يبدو مستحيلا من واقع الاضطرابات وغياب الوعي الديمقراطي؟
الاضطرابات سيدة الموقف:
أكد د.محمد علي تورشين المحلل السياسي والأكاديمي في الشئون الأفريقية أن التجارب الديمقراطية في الدول الأفريقية نابعة من طبيعة التنوع الإثني والقبلي السائد في تلك البلدان، قائلا إذا كانت الديمقراطية لا تعبر عن واقع المجتمعات التي تشكل وجودا بهذه المناطق من أجل معالجات الإشكاليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها فإن هناك إشكال لابد من علاجه، منوها أنه بلا شك ستكون الاضطرابات سيدة الموقف مما ينتج عنها استبدال النظام الديمقراطي بالنظام الشمولي، مبينا أن الكثير من البلدان الأفريقية تعتقد أن الأنظمة الشمولية المستبدة ناتجة عن واقعهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وتعبر عنهم أكثر من الأنظمة التي تأتي عبر الصناديق الانتخابية، ولا تعبر عن واقعهم، وأضاف بالقول: إن هذه الفرضية انطبقت على واقع دولة النيجر باعتبار أن التجربة الديمقراطية للرئيس محمد يوسف التي امتدت منذ 2011م إلى 2020م، كانت تعبر عن واقعهم لمعالجة قضاياهم الاقتصادية والأمنية، مستطردا أنه عندما خرجت هذه التجربة عن واقعهم المميز تمت قبضة الجيش النيجري لإنهاء هذه التجربة بما لها وعليها.
التحالفات والأطماع:
أقر تورشين بأن دول الجوار حاضرة في الأزمة السودانية من خلال التعاون مع قوات الدعم السريع، باعتبار أن هذا الواقع ليس حكرا على السودان فحسب، مستطردا بلا شك أن الأحداث التي وقعت في أفريقيا الوسطى ومحاولة تغيير النظام في كل من تشاد وليبيا باعتبارها كلها عناصر شاركت في تلك الحروب وفقا لمصالحها للاستفادة من الاضطرابات التي تحدث في المنطقة، واعترف بوجود انتهاكات وتجاوزات حدثت من قبل هذه المجموعات في دولتي أفريقا الوسطى وليبيا، ونفى وجود بيانات أو معلومات تؤكد بأن نظام الرئيس محمد بأزوم دعم الأحداث الدائرة بالخرطوم، ربما ستكون هنالك تحالفات غير معلنة، أو أطماع نتيجة للتداخلات القبلية ما بينهما.
تداخلات العوامل:
اعتبر تورشين أن الاضطرابات التي حدثت في ليبيا وأفريقيا الوسطى وغيرها من البلدان الأفريقية بأنها معقدة تداخلت فيها العديد من العوامل الداخلية المتمثلة في التهميش والفقر وانعدم الخطط التنموية والاستراتجية لدى الحكومات المركزية باعتبار أن استجابتها للمطالب محدودة وتساهم في استمرار الحروب بعيدا عن الحلول غير الممكنة، مرجحا أن كل هذه المشاكل إذا لم تكن هنالك إرادة سياسية قادرة على التعاطي مع المشاكل الاقتصادية والأمنية بجانب محاولة تطبيق نظام الحوكمة أو الحكم الرشيد لتجاوز للإخفاقات التنموية، واعتبر أن هذه كلها بحاجة إلى قرارات صائبة، وإذا توفرت تلك القرارات بأي حال من الأحوال ستجد أكلها في كثير من البلدان الأفريقية.
الانقلاب والموقف :
قال د.محمد اليمني المحلل السياسي في العلاقات الدولية إن الإنقلابات ليست بجديدة على الدول الأفريقية في كل عام يحدث انقلاب، مؤكدا أن ما حدث في النيجر انقلاب مختلف إلى حد ما عن بقية الدول، مشيراً إلى أن ذلك له عدة أسباب لها علاقة إثنية وجهوية وعرقية ودينية، بجانب ضعف وتدني المستوى الاقتصادي ما بين الفقر والعوز والقتل والإرهاب، ويرى أن المظاهرات الحاشدة والقوية المؤيدة للرئيس بازوم وتريد الإفراج عنه قد تساهم بشكل كبير في تهيج الرأي العام الداخلي والدولي، ونفى وجود ما يسمى بالديمقراطية كنظام حكم، بينما قوة السلاح هي التي تتسيد الموقف.
التخطيط المسبق :
كشف اليمني عن تخطيط مسبق منذ فترة لإيصال القارة الأفريقية للمستوى المتدني من خلال الحروب الداخلية التي ترهقها في كافة المجالات، موضحاً أن الحرب الدائرة في السودان تختلف تماما عن ما يجري في النيجر، باعتبار أن المؤشرات والمعطيات تدل بأن السودان مقبل على حرب أهلية لا محالة، لافتاً إلى أن السودان يمتلك من الثروات والخيرات والمقدرات يجعل أنظار الطامعين تتجه له، وبالمقابل النيجر تمتلك المعادن والنحاس والنفط.
فاعلية المشهد:
أكد اليمني أن حميدتي مازال ممسكا بأرض المعركة، ويمتلك من الجنود والآليات العسكرية التي من خلالها سيطر على بعض المؤسسات، والجيش والدعم الكبير الذي يتلقاه من الدول الفاعلة في المشهد السوداني، مستبعد أمل الحلول للحروب الدائرة في بعض الدول الأفريقية باعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية لها دور في ما يجري سواء كان في ليبيا أو تشاد أو أثيوبيا وأفريقيا الوسطى على حد تعبيره.