أحياء القضارف القديمة
بقلم: زكي حنا تسفاي
كلما عاودنا الحنين الى الماضي ، تتزاحم الذكريات وتقفز في فضائيات بعيده لترسم أحد لوحات الزمن الجميل في تاريخ مدينتنا الحبيبة . التاريخ القديم يعلمنا أن للمدن رائحه وتفرد ، وأن للأحياء القديمة عبق وسيره .. و كلما دلفنا الى احد الاحياء العريقة بقضروف سعد ، تتجدد أمام ناظرينا ذكرى العديد من المشاهد والأماكن والشخصيات التي عاشت بيننا ، أماكن لم يستطع الزمن أن يمحوها .. وأماكن ظلت في البال رغم تغير الأزمنة .. وشخصيات كانت لها سيرة نقية وصفات عالية .. لعبت دورا رياديا على مختلف الأصعدة بالمدينة . وعندما نتذكرهم هنا نتنسم رائحتهم العطرة وتاريخهم المجيد . ونتأمل مسيرة حياتهم .. كيف عاشوا في تكافل وتراحم ومودة برغم خلفياتهم المتعددة وثقافاتهم المتباينة.
دعونا نعود لنتذكر حي جميل آخر من أحياء قضروف سعد الحبيبة ألا وهو :
حي النصر
يرقد حي النصر في طمأنينة وهدوء تحت سفح جبل الجيش ، ويزيده الجبل جمالا وحلاوة ونضارة في فترة الخريف ، حين تكسو الخضرة كل شبر فيه ، فيعطي للحي رونقا وجمالا أخاذا . يتمدد حي النصر في مساحه كبيره من الأرض ، ويجاور عدد من الأحياء العريقة ( الميدان وديم حمد والشايقيه وسوق القضارف القديم) .
أصل التسمية
يقول الراحل حسن إلياس في مذكراته
"كان هناك ما يسمي (فريق البقر) وهو محصور غرباً بشارع كسلا فيما يلي الخور الواقع جنوب شرق الأورطة لماذا سمي (بفريق البقر)؟ قيل لكثرة الأبقار في ذلك الحي وبعد سنوات تغير فريق البقر إلي فريق ود (الخامة) وهو رجل من منطقة رفاعة أستوطن حي البقر وأسكن معه العديد من أهله وذويه وصار صاحب أغلبية فتغير الاسم لدواعي (الديمقراطية) فيما يبدو . ثم في تطور لاحق وعند قيام اللجان الشعبية في العهد المايوي سمي بحي النصر ..
ومن الأحداث المؤسفة التي شهدها الحي قديما تلك الحريقة الشهيرة التي حدثت في عام ١٩٥٧م ، والتي قضت على غالبية المنازل بالحي ، حيث كانت عبارة عن قطاطي مصنوعه من القش ، ويتذكر أخونا العزيز سيد السواكني ذلك اليوم جيدا ، عندما كان في مراحل الدراسة الوسطى ، وقد فوجئ عند عودته من المدرسة ، بالدمار الشامل الذي نتج من الحريق وقد أتى على الحي بكامله، وجعل غالبية الأهالي يلتمسون المأوى في الأحياء القريبة ،وكان نصيب أسرته أحد المنازل بحي الموظفين لحين استتباب الأمر ، احدثت هذه الحريقة صدمه كبيره في النفوس ، حيث فقد اهالي الحي جميع ممتلكاتهم ، مما حدا بالزعيم الراحل اسماعيل الازهري الحضور للقضارف لمواساة اهل الحي ، وتقديم يد العون ، كما وعد أهل المدينة بتوصيل المياه للقضارف من نهر العطبراوي ، حتى تستطيع المدينة مكافحة تلك الحرائق والتي كانت تشكل هاجسا يقلق مضاجع اهل القضارف . وبعد الحريق شهد الحي نقله نوعيه في طريقة المباني والتي قامت على تشييد المباني من المواد الثابتة . واصبح حي الخامة من الاحياء الراقية بالمدينة حيث انتشرت في ربوعه الفلل الجميلة في تنسيق بديع . والشوارع المعبدة .
وعندما تتجول في ديم الخامة قديما وحي النصر حديثا ، تقفز أمامك صور لشخصيات عاشت في هذا الحي ، و عطرت بسيرتها الطيبة كل ركن وزاوية منه . عاش هنا آل كشة وآل السواكني وآل محمد الحسن كبوشية وآل دفع الله شرف الدين وآل روفائيل جريس وآل جريس غبريال وآل النور خميس وآل حسن كردي وآل عبدالله محمود وآل خليل إحيمر وآل الامام وآل بيومي وآل الخليفة هاشم مبارك وآل عباس قاسم وآل البلوله وآل شيخ مجذوب وآل محمد علي البربري وآل البرير ومحي الدين وآل مصطفي حمزه وآل عثمان كريم وبولس ابراهيم وآل عبدالرحمن النور وآل قرشي وآل حسين مدني وآل آدم النور وآل قمش وآل همرور وآل ابراهيم اسماعيل وآل أبوجديري وآل حميده وآل كرجوس وآل محمود عبدالرحيم وآل حاج حسن أغا . وكثيرين أخر لم تسعفني الذاكرة في الاحتفاظ بهم لهم كل التقدير والاحترام.
من المعالم القديمة بالحي كبري المأمور
من هو المأمور الذي أطلق اسم وظيفته عليه ؟؟ إنه المأمور حسين عثمان من أبناء الأبيض، كان يقطن المنزل المجاور للكبرى من الاتجاه الشمالي (وهو المنزل الذي صار فيما بعد لمهندس النقل الميكانيكي). وقد كان أحد أبنا حسين عثمان ضابطاً عظيماً بالجيش (عثمان حسين) أما ابنه الثالث والذي ربما يعرفه الكثيرون من مناطق السودان المختلفة لا لأنه ضابط في الجيش فحسب ولكن لأنه حاول الإطاحة بالرئيس الأسبق نميري عام 1975م، إنه المقدم حسن حسين عثمان له الرحمة .
( من مذكرات الراحل حسن الياس)
اضافة لكبري كان هناك معلما لم يستمر طويلا وهو محلات "كشة بازار ". بالإضافة الى نادي السهم الرياضي العريق الذي يقع عند طرف الحي المقابل للسوق القديم .
التحية من البعد لأهلنا الطيبين بحي النصر وبكافة أحياء قضروف سعد الحبيبه.
والى لقاء مع حي آخر قريبا.
Zakihanna@hotmail.com.
والى لقاء مع حي آخر قريبا.
Zakihanna@hotmail.com.