حوش نيوز/ صحف
منذ مطلع العام الجاري، لم يخف الحديث حول وجوب وضع حد لفوضى الأسواق وتباين أسعار السلع بين محل وآخر، في وقت تؤكد فيه الحكومة رغبتها في ضبط الأسواق، ولكن شيئًا من ذلك لم يحدث على الأرض رغم تكرر التعهدات الحكومية.
وفي سياق موازٍ، يرى مختصون أن الخطوات التي تتخذها الحكومة ليست كافية لضبط السوق ومحاربة جشع التجار، وبموازاة ذلك، حمل خطاب رئيس الجمهورية، المشير عمر البشير خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية للهيئة التشريعة القومية في دورة انعقادها الثامنة أمس، توجيهات للجهات المختصة ووزارة التجارة بالرقابة على السلع والخدمات وتفعيل الآليات لضبط وكبح جماح الجشعين.
توجيه رئاسي
ووجه رئيس الجمهورية البشير في الخطاب وزارة التجارة والصناعة، والجهات الأخرى المعنية، بالرقابة على السلع والخدمات وتفعيل الآليات لضبط وكبح جماح الجشعين، مشيراً إلى الدور المأمول للهيئة التشريعية القومية في تفعيل تلك الرقابة، موجهاً بأن يركز مشروع موازنة العام المالي 2019م، بشكلٍ خاص على تحسين معاش الناس كأولوية قصوى، عبر حزمة من السياسات والمشروعات الاقتصادية العاجلة التي توفر العيش الكريم للمواطن وتخفف من وطأة الضغوط المعيشية، وقال إن الحكم الرشيد ظل هدفاً ثابتاً للحكومة تسعى لتحقيقه بكافة السبل، بجانب مكافحة الفساد الذي ستتواصل الجهود لاجتثاثه، عبر أجهزة الدولة القائمة وتشكيل مفوضية متخصصة.
تحفيز الإنتاج
وعلى الصعيد الاقتصادي، قال رئيس الجمهورية، إن تشكيل الحكومة الحالية يمثل بداية لمرحلة جديدة، ستشهد مراجعة لمرتكزات الاقتصاد الكلي وفق رؤية جديدة، وتنفيذ البرنامج التركيزي، وإقرار سياسات تفصيلية وإجراءات محفزة للإنتاج وزيادة الصادر وضبط الواردات، فضلاً عن تحقيق الانضباط المالي لوحدات الدولة، وأشار إلى أن رئاسة الجمهورية ستقوم بمتابعة المشروعات التنموية الكبرى وتوفيرِ الاحتياجات الضرورية لها، لضمان حسن توظيف الموارد المتاحة على مستوى أولويات الاقتصاد الكلي، فضلاً عن تنفيذ برنامج إسعافي عاجل، يتضمن مشروعات ذاتَ عائد سريعٍ ومباشر من أجل تحسين معاش الناس وتحقيق تعزيز البيئة الجاذبة للاستثمار بما يجعلها متجاوبة مع متطلبات الاستثمار بشقيه الوطني والأجنبي.
انفلات السوق
منذ مطلع العام، تشهد الأسواق في العاصمة الخرطوم والولايات موجة من الغلاء الطاحن حدت بعدد كبير من المستهلكين للتقليل من مستوى صرفهم على الغذاء مجبرين لعدم قدرتهم على مجاراة أسعار السلع المتصاعدة مقابل ضعف وتواضع حجم الأجور بشكل عام، وأدى الانفلات بالأسواق إلى إجبار الحكومة على تفهم أهمية ضبط الأسعار بإنشاء الجمعيات التعاونية ومراكز البيع المخفض وعودة البطاقات التموينية لتوفير وتسويق سلع ومواد غذائية أساسية بأسعار مناسبة ومنافسة للمحلات التجارية الأخرى، فظهرت محال البيع المخفض، ولكنها كما يرى مواطنون قليلة وغير كافية لتغطية الكثافة السكانية العالية على مستوى المحليات والأحياء السكنية.
وجوب الرقابة
واعتبر عضو لجنة الصناعة والتجارة والاستثمار، بالبرلمان، عصام الدين ميرغني، ما جاء في خطاب رئيس الجمهورية بأنه يمثل توجيهات واضحة تحث على تنفيذ خطط للسيطرة على الأسعار.
وقال ميرغني لـ “الصيحة” أمس أن الدولة مدعوة للتدخل عبر أجهزتها وقوانينها الصارمة لوقف أي فوضى في الأسواق، موضحاً أن بعض التجار غلب عليهم الجشع والطمع، وهم مستفيدون من حالة الفوضى فيجب حسمهم بصرامة، وحذر من أن عدم تدخل الدولة لوقف فوضى الأسعار لن يؤدي لحل، منوها إلى أن فرض سعر محدد للسلع مهم للمواطن، وزاد “لازم تكون الأسعار منطقية ومتناسبة مع الجودة، وقطع بأن اللجنة ستتابع تنفيذ هذه المتطلبات بالتنسيق مع الجهات المختصة.
وغير ذات مرة طالبت جمعية حماية المستهلك بتطبيق قانون حماية المستهلك، وأكدت أن الفوضى وغياب الرقابة عن الأسواق، أسهمت في تذبذب الوضع الاقتصادي وعدم الاستقرار، ودعت لاعتماد معالجات منطقية بدلاً من رفع الرسوم والجمارك وجعل توفير معاش المواطن ميسوراً.
غياب وزارة التجارة
وتقول المحللة الاقتصادية، د. إيناس إبراهيم، إن السبب في فوضى الأسواق يرجع لغياب وزارة التجارة وتقاعسها عن أداء دورها في مراقبة الأسواق، وقال إنها غائبة تماماً عن لعب هذا الدور.
وقالت لـ “الصيحة” أن ما يحدث من فوضى وارتفاع الأسعار في الأسواق بأنه نتاج غياب الوزارة عن الأسواق وعدم تدخلها والتساهل في تطبيق القانون على التجار المخالفين لزيادة تسعيرة السلع، وقالت إن الحكومة عليها دراسة الأثر الاقتصادي للقرارات التي تتخذها قبل إصدارها للحد من المترتبات السالبة لكثير من القرارات الاقتصادية، وقال إن السياسات الاقتصادية الأخيرة تسببت في خلل كبير يعاني منه المواطن حالياً، موضحة أن الزيادات التي تشهدها الأسواق غير منطقية ولا مبررة، مشيراً إلى أن رفع سعر أي سلعة لا يتم دون أخذ الإذن من وزارة التجارة وإحضار مستند رسمي بالموافقة على ذلك، وأكدت تعمد بعض التجار وضع تسعيرة عبر الالتفاف على القانون، وتساءلت عن أسباب غياب وزارة التجارة عن الأسواق ومراقبتها بالرغم من حرصها على الوجود في أسواق البورصة والمحاصيل.
وقلل مواطنون تحدثوا لـ “الصيحة” من تعهدات الحكومة بالتدخل وضبط الأسعار، مشيرين لالتزام وزارة التجارة منذ مطلع العام الحالي بإلزام المحال التجارية بوضع ديباجة تحدد سعر السلعة وعدم زيادتها دون موافقة السلطات وهو ما لم يحدث حتى الآن.
صحيفة الصيحة